مكر اللصوص

من أقسى الحقائق على الإنسان، حقيقة أن يكون من يحب سبباً في تعاسته، سواء كان ذلك الشخص شريك حياته أو صديقه أو فلذة كبده. فكيف له أن يتعايش مع فكرة أنه يتفانى في منح الآخر حباً واهتماماً وكل تبعات ذلك من مال وجهد وحرص، ولا يحصل هو في المقابل إلا على النكران؟ لكن وبالرغم من كون النكران مؤلماً، إلا أنه على الأقل موقف واضح يمكن اتخاذ قرار صارم تجاهه! لكن مالحلّ في مكر اللصوص؟ بالطبع بعد أن نتفق على تسميتهم لصوصاً! مكر اللصوص في نظري أخطر علينا من النكران، فالناكر للجميل لا يخفي جحوده وقد يتبجح بالأمر، لكن اللص الماكر يتخفى بصورة لا تدع لك مجالاً للشك في أنه يكنّ لك الحب ويتفهم تضحياتك وجهودك في سبيل إسعاده، وقد يغرقك بالإهتمام، ويظل على هذه الحال لسنوات يتلذذ فيها بإمتصاص رحيق قوتك وشبابك، حتى يأتي اليوم الذي يقتلك فيه بحقيقته وبالضربة القاضية! وهذا ما حدث مع منى! فمنى الموظفة الناجحة ومديرة لأحد البنوك، وقعت في فخّ زميلها سعود الذي نصبه لها بكل احترافية، ظلّ يركض خلفها مثابراً ويرتدي قناعاً فوق الآخر حتى أقنعها أنه متيّم بحبها وتزوجا! ورويداً رويداً دفعها للتخلي عن أحلامها الواحدة تلو الأخرى باسم الحبّ. وبعد أشهر فقد عمله بسبب خلاف مع مديره حسب قوله. لم تتذمر زوجته المسكينة من الوضع بل ارتكبت خطأً فادحاً في حق نفسها حين منحته وكالة عامة ومطلقة للتصرف في عقار تركه لها والدها المتوفي، ظناً منها أنها بذلك تساعده على شغل وقت فراغه بجمع الإيجارات من السكان والإهتمام بالعقار خاصة أنه ألمح لها أنه يهوى هذا النوع من الأعمال. بعد مرور عام واحد، عادت منى من عملها في أحد الأيام لتجد زوجها ينتظرها في المنزل ليصطحبها إلى مكان ما. أخذها إلى أحد أفضل متجر للمجوهرات والحليّ، ووسط دهشتها وإلحاحه اختارت عقداً بسيطاً مرصعاً بقطع ألماس صغيرة، وخرجت من هناك والسعادة تكاد تقفز من عينيها. في صباح اليوم التالي لم يبق من صديقاتها وزميلاتها من لم يصلها خبر العقد والمفاجأة، لكنها عادت في نهاية اليوم إلى المنزل لتجد مفاجأة أخرى في الإنتظار! باقة ورد بيضاء وظرف أبيض وبطاقة صغيرة كتب عليها: شكراً منى على كل شيء. أنت طالق! والورقة في الظرف الأبيض! وداعاً! @Randa_AlSheikh Randa_sheikh@yahoo.com