2015-10-10 

«اللحاق بالإفطار مع الرسول»!

محمد الحمادي

نعيش زمن داعش! زمن قطع الرؤوس وحرق الرجال وهم أحياء واستعراض تعذيب البشر بتصويرهم بأحدث التقنيات!... فهل هذه بداية نهاية المدنية الإنسانية والتحضر البشري؟ وهل هي بداية عصر الفوضى والهمجية؟! هذه تساؤلات تدور في الأذهان بعد سلسلة الأحداث التي شهدناها في عالمنا وما يحدث على يد تنظيم داعش وعلى يد الإرهابيين الغربيين - الذين يفضل أن يطلق عليهم الغرب أشخاصاً يعانون أمراضاً، أو اضطرابات نفسية - والذين كانت آخر جرائمهم قتل تسعة أميركيين من أصول أفريقية وهم يؤدون الصلاة في كنيستهم بسلام في مدينة تشارلستون بولاية ساوث كارولاينا، وتبين أن القاتل شاب أبيض لا يتجاوز عمره 21 عاماً.. وقبل ذلك كثير من القصص والجرائم في الولايات المتحدة وأوروبا.. فالإرهاب والعنف، وقتل الأبرياء والاستهانة بدماء البشر، كل ذلك لم يعد مشكلة عربية أو إسلامية، كما يحاول أن يصورها الإعلام الغربي ويرسخها في عقول المشاهدين، ولا هي مشكلة سنّي أو شيعي، أو مسلم أو مسيحي، إنها مشكلة إنسانية ومن الواضح أنها مشكلة «معدية» وسريعة الانتشار. في الجمعة المرعبة بالأمس ضرب الإرهاب ثلاث قارات في الوقت نفسه، وقتل الإرهابيون المئات، سواء في الكويت، أو تونس، أو سوريا، وحتى الصومال، وفرنسا، وهذه لم تكن المرة الأولى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، فتهديدات الإرهابيين لا تتوقف، لكن للأسف العالم الحر هو الذي يتوقف! يتوقف ويتردد في اتخاذ خطوات حقيقية وعملية وسريعة لمواجهة هذا الإرهاب.. ومطالبة دولة الإمارات المتكررة بتحرك دولي تأتي من منطلق الإيمان بأن هذا العدو بحاجة إلى عمل دولي، وهذا ما جاء على لسان وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد أول أمس عندما أكد ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته والقيام بدوره في مواجهة الإرهاب. البحث عن القاتل لم يعد مشكلة ولا يهم الناس.. البحث عن المحرض هو الأهم والبحث عن الدافع هو ما يجب العمل عليه.. أصبح العالم -لا شعورياً- يدور في فلك داعش، يتابع ما يقترفه من جرائم ويحلل ما يبثه من صور وأفلام وينتقد أفعاله وفظائعه ولا نفعل أي شيء عملي وحقيقي لمواجهة الدواعش في منطقتنا والفكر الإرهابي المشابه له في دول العالم الغربي والذي يكون بيد غربيين مسيحيين، وليسوا مسلمين من أصول عربية. لن تستطيع دولة بمفردها ولا مجموعة دول أن تواجه الإرهاب، فالمرحلة التي وصلت إليها البشرية من الفكر الإرهابي المتطرف والعنيف بحاجة إلى جهد دولي وتكاتف وتعاون لأبعد الحدود من أجل تجاوز هذه الكارثة التي حلت بالبشرية. لم يعد من المقبول أن يبقى العالم في مرحلة الإدانات والاستنكارات والتأسفات على ما يجري هنا وهناك.. فعلى دول العالم أن تواجه هذا الوحش القادم بقوة من أجل القضاء على كل القيم الإنسانية النبيلة وعلى الحضارة الإنسانية. ولم يعد للاستنكارات قيمة عندما نستنكر فعل من لا يسمع ولا يرى إلا نفسه ولا وجود للآخر أمامه!.. وقد بلغ الأمر بهم أنهم أصبحوا يعيشون الوهم بكل درجاته، فانتحاري الكويت قتل نفسه لأنه يعتقد أنه ذاهب ليفطر مع الرسول، فكان كل ما قاله قبل تفجير نفسه «أريد اللحاق بالإفطار مع الرسول» ثم «كبّر» وفجَّر نفسه!! الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يدعو إلى الرحمة وحفظ النفس البشرية البريئة مهما كان دينها، يأتي هذا وأمثاله ليخالفوا تعاليمه السمحة ثم يعتقد أنه بمجرد أن يقتل نفسه وعشرات الأبرياء فإنه سيفطر معه عليه أفضل الصلاة والتسليم! أليست هذه قمة الفوضى؟ جريدة الاتحاد

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه