منذ القدم كان اسمها يشتق ألقه من التواصل واللقاء والتعارف، ولا يعرف إن كان ذلك قدراً مقدوراً لهذه المدينة أم هي البصيرة وبعد النظر الذي حكم طباع أهلها، وصبغهم بالحكمة والمودة دوماً، أم هو البحر الذي يسور المدينة كأسوار المدن العتيقة التي تحمي نفسها ضد أطماع الطامعين، لكنه سور الماء الشفيف الرقراق، الماء الذي خرجت منه هذه المدينة وعاشت عليه وتنفست به، ومنه كان لؤلؤها ورزق أهلها وثراؤها ونخيلها المعجز اليوم، الماء الذي تستحم به دبي صباح مساء، وتتواصل عبره مع العالم، حفاظاً على تواصل الماضي وإرث السفن والتجارة، وهي المدينة التي تنافس كبريات مدن العالم ثراء وتجارة وتحضراً وتقدماً، وربما تفوقها أحيانا، إنها الوصل، دبي، مدينتي ومدينة العالم. يوم كنت طفلة كان بيتنا مشرعاً على البحر، على موجه ورياحه ورائحته، على أصوات النوارس وضجيج الأولاد يتصايحون على رماله يصطادون النوارس، ويتقاذفون بالقواقع، ويغوصون فيه بلا مبالاة حتى تحذيرات الأمهات ينسونها بمجرد أن تغوص أقدامهم في رمال شطه البيضاء، إنها دبي المدينة الخارجة من البحر المسورة بالبحر والساكنة قلب المستقبل، الصبية أبداً، والجميلة وصاحبة الشعار الجميل: أهلًا بالغد. من الوصل ولدت، من التواصل بنت علاقاتها، من احترام الجميع أسست نصاعة حاضرها، بلا عقد ولا تعقيدات، ولا نظرة فوقية للآخرين ولا تشاؤم. ولا إقصاء لأحد، الكل مرحب به هنا في قلب الوصل طالما حمل الوصل معنى وسلوكاً، وطالما جاء ماداً جناحه بالمحبة ويده بالعمل وقلبه بالعطاء، ولا مكان بيننا لغير ذلك، لكننا عند الشدائد لا نعرف مصلحة تعلو فوق مصلحة الوطن والأهل، هذه هي حكمة الصحراء وابن البحر، يعرف المخاطر، يواجهها ولا ينثني أمام التحديات، هكذا يردد صانع معجزة دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد « التحديات لا توقفنا، نحن نتجاوز الصعاب والتحديات، ونمضي إلى أهدافنا ومن يريد أن يتوقف فذلك شأنه». دبي تتواصل دوماً، تتواصل مع تراثها، عادات أهلها، ضيوفها، شبابها، إعلامييها، حاضرها ومستقبلها، ومن اسمها « الوصل» كانت عادة حاكمها أن يتواصل دوماً مع الجميع في أفراحهم وأحزانهم. صغارهم وكبارهم، بلا عوائق، لقد أسس الشيخ محمد أول مدينة حرة للإعلام وأول مدينة للإنترنت، رمزاً للانفتاح والتواصل مع العالم، فجاء العالم كله وسكن هاتين المدينتين، فكان السباق وكان صاحب الريادة، فالمهم ليس أن تكون مع المجددين والمغيرين، لكن الأهم أن تكون الرائد والأول هذا هو شعار ابن الوصل وحاكمها، وهذا شعر أهلها. ليس غريباً أن يسمي أهل دبي مدينتهم منذ عشرات السنين «الوصل»، فقد ثبت أنها مدينة الوصل والتواصل بامتياز ! جريدة الاتحاد