أكثر من رسالة التقطها مراقبون خلال استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لضيفه ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، يوم الاثنين في الرياض، وذلك خلال زيارة رسمية قام بها الأخير للتباحث حول التطورات في المنطقة، وخصوصا الملف المصري، والعلاقات الخليجية البينية. ولعل الرسالة الأولى كانت من خلال كسر العاهل السعودي للبروتوكول باستقباله ولي عهد دولة أخرى، باعتبار أن الملك عادة لا يستقبل إلا ملكاً أو زعيم دولة، والثانية بأن يجد الزائر الكبير كافة رجالات الأسرة الملكية في استقباله، بينما كانت الرسالة الأهم هو أن التنسيق بين العاصمتين لا يزال على المستوى الرفيع ذاته، رغم محاولة البعض الترويج لغير ذلك. وكانت قنوات وصحف عربية، وبضعة من أكشاك أصحاب المهنة، قد حاولت ترويج فكرة مفادها أن نظام الحكم الجديد في السعودية سوف يغير سياسة البلاد الخارجية، إزاء الوضع في مصر تحديداً، ما سينتج عنه تقارباً أكثر مع جماعة الإخوان المسلمين، والتخلي عن الالتزامات السعودية لنظام السيسي. إلا أن الرياض أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن سياستها لن تتبدل، رغم محاولات أذرعة الإخوان، وخصوصاً من آل الخليج الجديد شرقاً، ترويج تسريبات مزعومة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يهاجم فيها دول الخليج، والمملكة خصوصاً، أعقبها إيصال هاتفي بين الملك سلمان والرئيس السيسي أوضح فيها الملك دعم بلاده الواضح لنظام الحكم في مصر. وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة قام بها رجل المصالحات أمير الكويت الشيخ صباح الصباح، وقبل زيارة لأمير الأمارة المثيرة للجدل، قطر، الشيخ تميم آل ثاني، ما جعل مصادر إعلامية متفرقة رصدت أحاديثها "الرياض بوست" تشير إلى أن الوضع المصري، والخلاف الخليجي القطري سيعودان إلى الواجهة من جديد. وكانت ثلاث دول خليجية قد سحبت سفراءها من الدوحة بسبب موقفها من النظام المصري، وتدخلاتها العلنية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، قبل أن يعود السفراء إثر مبادرة وصفت بأنها الفرصة الأخيرة قام بها العاهل الراحل الملك عبد الله، وحملت أسم "اتفاق الرياض". إلا أن المتابع للهجة قناة الجزيرة، وهي أهم من وزارة الدفاع القطرية بالطبع، يعرف أن الدوحة قررت التحلل من "اتفاق الرياض" والبحث إما عن اتفاق آخر، أو تحويل أنظار دول الخليج عن الوضع اليمني المتأزم، الذي قد يلقي بظلاله على استقرار دول المجلس المجاورة، وخصوصا السعودية. وهذه أول محادثات رسمية إماراتية سعودية على هذا المستوى منذ تولي الملك سلمان الحكم، إثر وفاة العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز الشهر الماضي، وقد تكون مقدمة تنسيق أكثر لمكافحة التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وإزالة آثار ما يسمى بالربيع العربي الذي أوقع المنطقة في حالة من الفوضى غير الخلاّقة.