للموت هيبة ووقفة، يتأملها كل فرد حينما يتعرض له أقارب أو أحباب أو أفراد مؤثرين في الحياة. كل منا له تاريخ، ماضي أفعال وأقوال وحاضر يعيشه، ورسالة يؤديها في هذه الحياة، فلم تكن هذه الحياة صدفة في يوم من الأيام، ولا مجرد عيش في فراغها من دون دور أو عمل أو صنعة. وجدت الحياة ليعمل بها الفرد ويتعلم ويعلم، والصالح فيها يعرف كيف يدبر معيشته بما يرضي الله عز وجل، وبما يتفق مع القوانين التي أوجدها الله، والإنسان له الخيار في ذلك، عندما يموت إما أن يكون سعيداً أو شقياً. لذا، مشاهدة الموت فيما نحب هو عبرة وذكرى، بماذا فعلنا، وماذا علينا فعله؟ وفاة رجل الحنكة والسياسة، ورجل الذكاء، ورجل الحكمة والدبلوماسية، سعود الفيصل يجعل حزننا يتجدد مرة أخرى بعد وفاة الملك عبدالله رحمه الله. نعم، هناك رموز لها وزنها وثقلها، أفعالهم هي من تحكي عنهم، تعرفهم رجالاً أقوياء بكلمة الحق، لا تهاب لا تخاف، سعود الفيصل كان رمزاً يحتذى به، قامة لها هيبتها وقدرها، عرفناها منذ أعوام طويلة، جعلت كلمة المملكة عالية، لها بصمتها أمام كل الدول، بالذكاء والحق والعدل، وأيضاً بثقة في النفس العالية، وهذا ما شاهدناه في شخصية سعود الفيصل، الثقة عندما تقترن بالحق تصبح قوة في وجه الأعداء، جميع الرؤساء تحدثوا عن شخصيته النابغة والذكية والمتأنية في ردود أفعالها، ردود أفعال سعود الفيصل حكيمة وقوية وجريئة، لم يجامل أحداً فيها طوال 40 عاماً، كانت شاهدة على قدرته وحنكته، بل جعل للملكة رقماً صعباً تجاوزه أو تجاهله، جعل لها وزنها وثقلها في العالم كله، فلا مساومة في حق الوطن، وليس الوطن فقط، بل مواقفه العظيمة، ومنها عندما وقف في مبادرة السلام العربي في أميركا وكسب معه 60 دولة تؤيد فك حصار غزة، ومن ضمنها الولايات المتحدة، وقال بصريح العبارة كل دقيقة تمر هناك ضحايا تتساقط أنتم المسؤولون عنها، ولم يلبث خطابه سوى أيام، حتى انفك هذا الحصار، وأيضاً كلمته الأخيرة والشجاعة بأننا لا نرغب في الحرب، لكن إذا دقت طبولها فنحن لها، هذه المواقف هي من تعلمنا وقفة وقوة الرجال. كل شيء له دورته ونهايته، لكن كيف تكون نهاية الفرد؟ هل هي مشرفة يتحدث عنها القاصي والداني، أم سيكتبها التاريخ ويعري ألاعيبها، التاريخ لا يرحم. لا شك، كلنا حزينون لوفاة سعود الفيصل، لكن هي سنة الحياة، يظل أن نعرف أن للحياة نهاية، علينا تأملها قبل حدوثها! رحم الله الأمير سعود الفيصل، دولة في رجل