تشعر حركة «حماس» بحال من الارتياح عقب زيارة وفدها بقيادة خالد مشعل الى السعودية. أعضاء الحركة يعوّلون على الزيارة كثيراً. مصدر الارتياح نابع من إدراك قيادة «حماس» ان وقوف الرياض معها، في هذه الظروف، قضية مهمة جداً، فضلاً عن أنها تعرف ان السعودية شريك سخيّ ونزيه في دعم الفلسطينيين، تساندهم في أحلك الظروف، ولا تقايضهم بمواقفها. حركة «حماس» أصدرت بياناً أشار إلى ان الزيارة استغرقت يومين، والتقى وفدها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. البيان قدّر عالياً دعم المملكة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. ولكن، على رغم اهتمام فلسطينيين وعرب آخرين، ودول في المنطقة بهذه الزيارة التي جاءت بعد فتور في العلاقات دام سنوات، ووصل الى حد القطيعة، لم تأتِ وسائل الإعلام السعودية على ذكر الزيارة. غياب صورها وأخبارها فتح شهية بعضهم لتأويلات وتفسيرات، وجرى زج علاقات السعودية بدول في المنطقة، وتم تصوير الزيارة كأنها مشروع «تحالف» بين الرياض ودولة لها نفوذ، على رغم أن حركة «حماس» تعاني وضعاً أشبه بكارثة في قطاع غزة، وليست في وضع يسمح لها بدور يفوق طاقة حركة محاصرة، تعاني المقاطعة والعوز. أقرب تفسير لغياب أخبار الزيارة عن الإعلام الرسمي السعودي هو ان للرياض تجربة مع «حماس»، لا تزال آثارها حاضرة، خلال اتفاق مكة بين الحركة ومنظمة التحرير الفلسطينية، الذي تحقَّق برعاية الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، في 8 شباط (فبراير) 2007، لكن ذلك الاتفاق لم يصمد طويلاً. انهار بعد أربعة اشهر على توقيعه، مع بداية أحداث غزة التي انتهت بتفرُّد «حماس» بالسلطة في القطاع. انهيار الاتفاق سببه تدخُّل دول عربية، كانت، ولا تزال، تعتقد أن الساحة الفلسطينية ملعبها الذي لا تسمح لأحد بالتدخُّل في تفاصيله. وهي وجدت أن اتفاق مكة سيمنح الرياض دوراً يُضعِف نفوذ هذه الدول على الفلسطينيين، على رغم أن كلمة «نفوذ» غير موجودة في قاموس التعامل السعودي مع القضية الفلسطينية. «حماس» كانت على علم تام بالدول التي سعت الى إفساد اتفاق مكة، لكنها لم تحط الرياض علماً بالتحرُّكات التي أفضت الى فشله، ولم ترجع الى السعودية كراعية للاتفاق، وكأنها رضيت بالنتيجة. هذه التجربة فرضت على الرياض عاملاً إضافياً للحذر الذي يُعدّ جزءاً من تقاليدها الديبلوماسية، لذلك فإن الكرة الآن في ملعب «حماس»، وفي ضوء التزامها سيكون التقارب السعودي معها، فضلاً عن أن تضخيم الزيارة في وسائل الإعلام ربما أعطى رسالة سياسية غير صحيحة لدول تحرص الرياض على علاقاتها معها. الرياض تعاملت مع الزيارة برسم النتائج، وصدق النيات، وقبل أن تكتمل الصورة ليس من الحكمة رسم مشهد من خلال تحليلات تفتقد المعلومات، فضلاً عن حسن الظن.