في الوقت الذي يعلق فيه صناع القرار في مجال رياضة سباقات الفروسية السعودية آمالهم على الرسالة والمحتوى الإعلامي المتكامل في تأسيس قاعدة جماهيرية عريضة، من شأنها تبرز أهمية هذه الرياضية كموروث أصيل وتنافسي يساهم ويطوره بشكل مباشر أبناء الوطن في مختلف الميادين العشرة التي تحتضنها السعودية، يفرض الواقع نفسه على مشهد القاعدة الجماهيرية للسباقات، وعدم تواجدها في دائرة الأضواء ضمن الرياضات الجماهيرية، وغيابها التام في التأثير على الرأي العام الرياضي بشكل عام خلال العقود الثلاثة الماضية. وبطبيعة الحال لا يمكن إثبات أن الإعلام هو السبب الرئيسي لذلك، لكنه يظل في واجهة الأسباب التي أدت إلى عزوف الجماهير عن هذه الرياضة، الذي طالما بحث عن معلومة مشوقة وبسيطة يستطيع أن يستشفها بمجرد اطلاعه على الرسالة والمحتوى الإعلامي لسباقات الفروسية، بل ما حدث العكس تماماً ظل حبيساً لفتات معلومات غير مفهومة، رسخت في مفهومة بأن الرياضة لا تتعدى مقولة(شقران في المقدمة). ومن هنا يبرز الدور الكبير والمأمول من الإعلام المتخصص وعلي سبيل المثال تفسير هذه المقولة ، التي ورائها الكثير من الأسرار والمعلومات التي تستحق الكتابة ولربما كانت كفيلة بجذب القارئ أو المشاهد لعالم سباقات الخيل. ففي مطلع التسعينات الميلادية قام رجل الفروسية الشهير وأحد أبرز المهتمين بالصناعات الغذائية في العالم الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير بجلب حصان أشقر جميل للغاية من الولايات المتحدة الأمريكية أسمه أناذور ريفيو، بغرض منافسة إسطبله المعروف باللون الأزرق في البطولات الكبرى في السباقات الفروسية والمتمثلة بكأسي الملك وولي العهد للخيول المستوردة، اختاره بعناية فائقة بعد أن درس سجله المميز بفوزه بالبطولة الأولى في ولاية كاليفورنيا، وتحقيقه للمركز الثالث في كأس هولوود الذهبية، من أصل ثمانية انتصارات جمع من خلالها أكثر 700 ألف دولار أمريكي. وصل هذه الحصان إلى الأراضي السعودية وطموحات الإسطبل الأزرق معلقة بهذا النجم سواء في السباقات أو من خدماته بعد ذلك في مجال التوليد لصالح مزرعة نوفا لإنتاج خيول السباقات، أختار له الأمير سلطان بن محمد أسماً جديداً وقدمه للمنافسة باسم (شقران)، استطاع بعد ذلك تحقيق أربعة انتصارات، وكان في مقدوره مواصلة حصد البطولات والانتصارات، لكن ظروف الإصابة عجلت بقرار مالكه لتحويل مهامه للتوليد والإنتاج. لكن الشيء الجدير بالذكر هنا، هو ما بعد مرحلة السباقات، وماذا فعل الحصان شقران؟ وكيف جاء تأثيره الإيجابي على المرتبطين بالرياضة قبل مالكه المستفيد الأول؟ قبل الإجابة على هذه الأسئلة، يجدر القول بأن الأمير سلطان بن محمد رجل فروسي شهم، تأثيره على الوسط الفروسي ليس منافس يرفع من مستوى السباقات فقط، بل سباقاً في تطوير عملية إنتاج السعوديين للخيول القادرة على المنافسة، سواء في دعم إدارات الميادين المختلفة أو السباقات، أو تذليل الصعوبات والتحديات التي توجه هذه العملية من ناحية قلة توافر الإمكانيات التي تحتاجها هذه الرياضة، من كوادر طبية وأفحل ذات سلالات معروف. وعلى هذا لم يعترف الأمير سلطان بن محمد بمبدأ الحصرية في إمكانيات الحصان شقران مع أنه حق شريف في المنافسة فمن حكم في ماله فما ظلم، بل ترك المجال مفتوحاً للجميع للاستفادة من الحصان شقران، ومن ذلك تغير حال الكثير من صغار الإسطبلات، التي طورت على إثر إسهامات هذا الحصان من تواجدها في هذا المجال، بل تعدى الأمر إلى تحسن المستوى المالي للكثير من أبناء الفروسية، من خلال المبيعات العالية التي شهدتها أبناء شقران في المزادات أو من خلال الصفقات الخاصة، حيث تخطت مبيعات أبناءه خلال ستة أعوام في مسيرته بمجال الإنتاج حاجز ال30 مليون ريال، تم تداولها في حركة المبيعات والتطوير داخل الوسط الفروسي، بفائدة خصت السعوديين دون غيرهم، جاءت أبرز نتائجها مع ابناءه الأبطال شقار للأمير فيصل بن خالد الذي فاز بكأس ولي العهد، وابن شقران بطل كأس الوفاء وولي العهد ، والصياد بطل كأس الملك للإسطبل الأزرق، فضلا على العديد من الأبطال التي حققت جوائز عيينة عالية، لتبلغ عدد مشاركات أبناؤه أكثر من 1377 مشاركة، تحقق معها الفوز بالمركز الأول من خلال 151 مشاركة والمركز الثاني 155 مشاركة، والمركز الثالث 139 مشاركة، والمركز الرابع 126 مشاركة، والمركز الخامس 117 مشاركة، وبنسبة فوز بلغت 87.17 %، لتحصد إجمالي جوائز فاقت 10 ملايين ريال. وحينما نقول أن الفروسية غابت عن المشهد الجماهيري، بتقصير من الحضور الإعلامي القادر على جذب المزيد من المتابعين لرياضة سباقات الفروسية، يعود نتيجة لغياب الكادر المتخصص الذي يعتني بطرح المعلومات التي تستحق الوقوف أمامها، فهذا الأمير العاشق للفروسية والملهم بالعمل الخيري لأجلها، لم يكن مالكاً توقف عن جلب الخيول القوية للسباقات، بل جعل منها أفكاراً لبناء قاعدة الميادين السعودية، التي انتظمت من خلال وحداتها الإدارية وقوانين سباقاتها عبر دورة كأس عز الخيل للميادين، التي تخطت معه مفهوم البطولة التي أنشئت للاحتفال بجواده البطل عز الخيل الذي حقق 46 فوزاً، إلى بطولة رسمية تكمل عقدها العشرين في نهاية آبريل المقبل، وبجوائز مالية تخطت 120 مليون ريال، تستحق أن تكون لها وقفة هنا في قادم الآيام.
وش وضع ١٦٠ في العنوان وليس لها ذكر في النص عشان نعرف
انه مقال رائع كم اعجبتني الفكرة وانت تنطلق من مقولة ( شقران في المقدمة) التي يتندر بها الناس على الفروسية. حسناً .. جميل هو الاعتراف بالمشكله .. والاجمل هو هذه اللفتة الرائعة لإيضاح بعض المفاهيم للجمهور الغير فروسي. ورغم كل العقبات التي تواجه الاعلام الفروسي .. واهمها غياب المتخصصين كما اسلفت في مقالك استاذنا .. رغم ذلك ، اعتقد ان الاعلام لا يلام في هذا الغياب الفروسي عن التأثير في الاعلام والجماهير .. اذا لم يحاول المسئولين عن الفروسية انفسهم العمل على صنع اعلام فروسي حقيقي ومؤثر. عوداً حميداً ابا احمد .