ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها القتلة الإرهابيون قوات الطوارئ السعودية التابعة لوزارة الداخلية، كما أنها ليست المرة الأولى التي يهتك فيها القتلة الإرهابيون حرمة المساجد والجوامع. أمس فجر مجرم داعشي نفسه في المصلين بمسجد تابع لقوات الطوارئ في مدينة أبها جنوب السعودية. حسب المتحدث باسم الداخلية السعودية اللواء منصور التركي فإنه وأثناء أداء صلاة الظهر بمسجد تابع لقوات الطوارئ حدث تفجير نتج «عنه (استشهاد) عشرة من منسوبي القوات، إضافة إلى ثلاثة من العاملين في الموقع، وإصابة تسعة آخرين، ثلاثة منهم إصاباتهم بالغة، كما عثر في الموقع على أشلاء يعتقد أنها ناتجة عن تفجير بأحزمة ناسفة». بعد جرائم «داعش» بمساجد المنطقة الشرقية التي راح ضحيتها عشرات الأبرياء، كشفت السلطات الأمنية السعودية عن مخطط مفصل للإرهابيين لتنفيذ سلسلة عمليات انتحارية ضد القوى الأمنية، وأيضًا ضد المساجد والجوامع لإيقاع أكبر عدد من الضحايا، وبث الرعب، وصلاة الجماعة والجمعة، يقوم بها الشيعة والسنة، من مدنيين وعسكريين. الجهات الأمنية أفلحت في وقاية السعوديين من شر هؤلاء القتلة، غير أنه من قال إن أي جهات أمنية في العالم تستطيع ضمان الأمن على مدار الوقت وفي كل مكان؟ الحقيقة أن قوات الأمن السعودية وكل الجهات الأمنية تتحمل ربما فوق طاقتها، وقد سطرت بحروف من نور ومداد من دم أروع صفحات الدفاع عن أمن الوطن والمواطنين. قدمت الكثير ليس من اليوم وبعد بزوغ شر «داعش»، بل قبل ذلك من أيام نشاط «أم» داعش، تنظيم القاعدة، بقيادة العييري والعوفي والمقرن والمجاطي وخالد حاج، من 2003 إلى نحو 2008. على ذكر هذه المرحلة نذكر بهجوم شهير لـ«القاعدة» على قوات الطوارئ السعودية، ففي ظهر 21 أبريل (نيسان) 2004 هاجمت سيارة مفخخة بنحو ألف ومائة كيلوغرام من المواد التفجيرية، مبنى الأمن العام في حي الوشم وسط العاصمة الرياض، وكان المبنى يضم أيضًا الإدارة العامة للمرور، وراح ضحية الجريمة، ضباط وأفراد، وموظف مدني، وأشهر من راح ضحية للجريمة الطفلة «وجدان» التي كانت تسكن مع أهلها قريبًا من الموقع. الإرهاب هو هو، من «القاعدة» لـ«داعش»، ومن دافع أمس عن أسامة بن لادن وعبد العزيز المقرن وصالح العوفي، هو من يدافع اليوم عن أبو بكر البغدادي أو أبو محمد الجولاني، وعن مجرمي «داعش» و«جبهة النصرة» الذين «ينفرون» كل يوم لسوريا والعراق واليمن. الحقيقة واضحة، والحل أوضح، ومن يحرض أو يدافع عن «البيئة» التي أنتجت هؤلاء، لا يخفي نفسه عنا، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، والمحاضرات والخطب. الكلام ليس تجنيًا، وكلنا نعرف من يحرض أو يضعف فعالية المواجهة الفكرية والتربوية بحجة أن ذلك نوع من «التغريب» المتوهم، أو «تصفية الحسابات»، حسب الهراء المكرر دومًا من القوم. بكلمة واحدة، الحل واضح، ومن يحجب الضوء معروف، وكثرة الكلام محبطة. m.althaidy@asharqalawsat.com