يُقال بالإنكليزية إن الذي يكسر مرآة في بيته يتعرض لسبع سنوات من النحس. يبدو أننا كسرنا كل المرايا في بيوتنا، فالنحس الذي أصاب الأمة عمره خمس سنوات أو نحوها، إلا أنه سيستمر سبع سنوات أو أضعافها، وستبقى معنا آثاره 70 سنة أو أكثر. لا تضحكوا على أنفسكم. يكفي أن العالم كله يضحك علينا، أو يشمت بنا، أو يهزأ منا. نستاهل. اللي من إيدو الله يزيدو. عندما لم ينتصر علينا عدو انتصرنا له وهزمنا أنفسنا. هل كانت إسرائيل تحلم بأن تدمر الأمة نفسها؟ هل توقعت يوماً ينسى فيه العرب والمسلمون القضية الأولى، ويخوضون غمار القضية الثانية والثالثة والمئة؟ الإرهاب الذي يُرتَكب في بلادنا هذه الأيام يوفر أفضل غطاء للإرهاب الإسرائيلي. العالم كله ينبذ إسرائيل، ويعزلها ويكشف جرائمها، ونحن نقتل بعضنا بعضاً. العراق وسورية انتهيا. البوابة الشرقية لم تعد مفتوحة، وإنما لم تبقَ هناك بوابة. اليمن يخونه بعض أهله، ليزداد أفقر بلد عربي فقراً وموتاً ودماراً. لبنان واحة الرجاء لكل معارض عربي وجنرال ثمانيني يريد الرئاسة، فيما أهل بلده يهاجرون كما فعلوا أيام العثمانيين في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. هم لا يستطيعون انتخاب رئيس جمهورية، ولكن يستطيعون الهجرة إلى الخليج وأوروبا وأميركا. في ليبيا، ميليشيات إرهابية مجرمة تقتل الناس وتسرقهم، وقد قسّم البلد بين شرق وغرب، وربما جنوب أيضاً، ولم تعد ليبيا تصدّر النفط، وإنما الإرهاب إلى مالي يوماً وإلى مصر يوماً آخر. في المغرب، منحرف يلاحق فتاة تصدّه فيتهمها بأنها ترتدي تنورة قصيرة وتُحاكم هي لا المجرم. مع ذلك، المغرب أفضل حالاً من غيره. في الجزائر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لم يعد قادراً على الحكم، إلا أنه يمسك الكرسي بيديه ورجليه، فيما مجموعة جنرالات غير منتَخَبَة تحكم البلد من وراء ستار. أما تونس الخضراء، فأصبحت تونس الإرهاب، والهجوم في سوسة لا يحتاج إلى تعليق، وقد سبقه وتبعه إرهاب، ولا سبب منطقياً يجعلنا نتوقع أن ينتهي. مصر أم الدنيا، وحتماً أم دنياي، وهي تتعرض لإرهاب يومي من القاهرة حتى الصعيد وسيناء، واغتيالات وتدمير وتخريب. هذه الأمة لن تقف على قدميها ولن يكون لها مكان بين الأمم من دون دور قيادي مصري. دول الخليج القادرة تساعد، وهي قادرة ومصر تستحق الخير، إلا أن الإرهاب من دون عقل أو دين. وإلى درجة أن يقتل إرهابيون المسلمين باسم الإسلام. اقترحت يوماً، وأقترح اليوم، تفريغ شمال سيناء على الحدود مع قطاع غزة من السكان جميعاً. مجرد حاجز عرضه خمسة كيلومترات إلى عشرة كيلومترات. كل مَنْ يُرى بعد ذلك في المنطقة الحرام يُقتَل من دون سؤال. «حماس» تخون القضية الفلسطينية، لا مصر وحدها، إذا لم تحارب إرهاب «داعش». هل بذلت «حماس» أو أي فصيل فلسطيني من أجل فلسطين أكثر مما بذلت مصر؟ هل هناك فصيل يزيد عدد شهدائه على شهداء مصر في سبيل القضية؟ لا أحتاج إلى أن أسأل. هل كسرنا كل المرايا؟ هل هي سبع سنوات؟ يا ليتها تبقى عند تلك السنوات السبع في الخرافة الشعبية الإنكليزية. قالت البصّارة لرجل إن كل مصائب الدنيا ستحلّ به في السنوات الخمس التالية. وسألها خائفاً: وبَعدين؟ قالت: تتعوَّد. هل نعتاد على النحس ليصبح لنا ظلاً يرافقنا؟ الظل يُرى في النهار، غير أن النحس يلاحقنا صبحاً ومساءً، يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة. لم أكن في حياتي متشائماً، ولست أحاول اليوم شيئاً سوى بعض الواقعية. نحن أمة فاشلة باستثناء قلة قليلة ناجحة، فأرجو ألا تصاب بعدوى الفشل. الأعداء لم ينجحوا في تدمير الأمة. نحن قمنا بالمهمة نيابة عنهم. من جريدة الحياة