أضاع الرئيس السوري بشار الأسد فرصته الأخيرة مع السعوديين الذين قبلوا استقبال موفده في جدة على ساحل البحر الأحمر، وذلك بطلب روسي لمحاولة إيجاد حل للأزمة السورية التي تدخل عامها الرابع مخلفة ربع مليون قتيل على أقل تقدير، وأضعاف ذلك العدد من الجرحى واللاجئين. واستقبلت السعودية رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك قبل نحو أسبوع في زيارة سريّة أفضت إلى اجتماع مع رجل السياسة الملكية القوي الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد وزير الدفاع، وذلك بهدف تقديم مبادرة تحرك الوضع في المنطقة. إلا أنه وكعادة حزب البعث السوري، ورجالاته المتثعلبة، حاولت دمشق أن تروّج من خلال قنواتها الإعلامية، وأكشاكها الصحفية في لبنان خصوصاً، أن هذا اللقاء هدفه تكوين جبهة رباعية تضم إلى جانب السعودية وسوريا كلاً من تركيا والأردن بهدف مواجهة الإرهاب. وانجرف محللو البعث إلى الحديث عن هذا التنازل السعودي المزعوم بغية إذكاء الروح المعنوية لجيش النظام الذي تلقى خسائر موجعة بعد تقدم الثوار وسيطرتهم على معظم الخارطة السورية. وتستطيع "الرياض بوست" التأكيد على أن الموقف السعودي ما زال ثابتا بحسب ما رصدته مصادرها، إذ أن الرياض لا يمكن أن تقبل بأي حل سياسي يتضمن بقاء الأسد في السلطة. ونجحت المملكة العربية السعودية في اسقاط القناع الذي يخفي وجه النظام السوري وعرّى رئيسه بشار الأسد أمام العالم لاسيما الروس، وأثبت أنّ الإرهاب في سوريا ليس سببه الوقوف ضد جرائم الرئيس السوري، بخلاف القول إن الإرهاب السُنّي بلا دولة راعية، بينما نظيره الشيعي في سوريا يحظى برعاية إيران. وبحسب روسيا اليوم أكدت مصادر رفيعة المستوى أن الرياض أطلقت مبادرة لحل الأزمة السورية، فيما نقلت دويتش فليه عن صحيفة الحياة اللندنية أن السعودية ربطت مصير الأسد بعملية سياسية في سورية شرطها الأول انسحاب إيران والميليشيات الشيعية التابعة لها و"حزب الله" مقابل وقف دعم المعارضة، ليبقى الحل سورياً سورياً. وبحسب روسيا اليوم تنص المبادرة السعودية على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بإشراف الأمم المتحدة. وأضافت المصادر أن السعودية أثبتت في اللقاء أنه "لا مصداقية للأسد، وأنها تحارب الإرهاب بلا هوادة، وتمسكت بموقفها المعلن واستبعد أي حل للأزمة السورية مع وجود بشار الأسد في السلطة. وووفقًا لدويتش فليه ذكرت الصحيفة أن مسؤولين سعوديين استضافوا رئيس مكتب الأمن القومي السوري، اللواء علي مملوك، في جدة في السابع من يوليو الماضي في ما سمي بـ«اللقاء المعجزة». وأوضحت المصادر أنّ اللقاء تم بعد نحو 20 يوماً من لقاء سان بطرسبورغ الذي جمع الرئيس الروسي بوتين مع ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان. وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، قالت المصادر، التي لم يتم تسميتها، لصحيفة "الحياة" اللندنية الصادرة السبت أن الترتيب لعقد اللقاء تم بوساطة روسية. وكانت مصادر إعلامية قالت في وقت سابق إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أجرى مباحثات في العاصمة العمانية مسقط بعد مباحثات في طهران مع مسؤولين إيرانيين وروس طرح على المسؤولين العمانيين اقتراحا سوريا لحل الأزمة. وتتزامن هذه الأنباء مع اتصالات مكثفة بين موسكو والرياض من أجل تسوية الأزمة. وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت الجمعة عن زيارة يقوم بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى موسكو الثلاثاء القادم 11 أغسطس ، حيث ستركز محادثاته مع المسؤولين الروس على تفعيل التسوية السورية ومبادرة موسكو الخاصة بإنشاء تحالف إقليمي لمواجهة "داعش". وبحسب روسيا اليوم اللافت أن زيارة الجبير إلى موسكو تأتي بعد لقاء ثلاثي في الدوحة جمعه مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف وجون كيري الأسبوع الماضي، كذلك يثير الاهتمام أن وفدا من الائتلاف الوطني السوري بزعامة رئيسه خالد خوجة سيزور موسكو يومي الأربعاء والخميس المقبلين 12-13 أغسطس. وكان الكرملين قد أعلن مؤخرا على لسان دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي أن هدف الجانب الروسي مازال تحقيق مبادرته الخاصة بإنشاء تحالف إقليمي واسع لمحاربة تنظيم "داعش" في الشرق الأوسط، بمشاركة سوريا وتركيا والأردن والسعودية. بدوره قال ميخائيل بوغدانوف في تصريحات خلال زيارته للقاهرة الجمعة، إن روسيا تتواصل مع الحكومة السورية والمعارضة الوطنية داخل وخارج سوريا لتشجيع جميع الأطراف من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار. وكانت موسكو دعت إلى إقامة تحالف إقليمي موسع لمحاربة تنظيم "داعش" يضم سوريا والسعودية والأردن وتركيا، مشيرة إلى أنها مستعدة لمساندته. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم آواخر يونيو إن مكافحة الإرهاب بشكل فعال تتطلب حشد جهود كل دول المنطقة، لافتا إلى أن دول المنطقة أعربت عن استعدادها للمساهمة في مواجهة هذا الشر. وكان بوتين أوضح بهذا الصدد أن من الضروري أن توحد سوريا وجيرانها الجهود من أجل محاربة الشر الذي يهدد الجميع. يذكر أن التقارب الروسي السعودي بدأ بعد زيارة قام بها ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع محمد بن سلمان إلى روسيا منتصف يونيو الماضي. وأعلن ولي ولي العهد خلال لقائه الرئيس الروسي أن الملك سلمان بن عبد العزيز سيزور روسيا في القريب العاجل تلبية لدعوة من الرئيس الروسي، ونقل الأمير السعودي دعوة من العاهل السعودي إلى الرئيس الروسي لزيارة المملكة العربية السعودية.