ما كان لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير ليجلس الى جون كيري و سيرجي لافروف في اجتماعهم المغلق في الدوحة دون جديد يتناسب و الظرف الزمني لا المكاني فقط . مما استوجب ان تكون اليمن " جسر يستحيل الوصول اليه " عبر إغلاق كل البوابات فيما عدى الميدانية منها ، لذلك جاء خبر الاعلان عن إنزال التحالف العربي للواءً مدرع ثقيل في عدن ، و الذي مثل راس الحربة في عملية تحرير قاعدة العند الاستراتيجية . و قد سبق ذلك دخول لواء يمني حديث التدريب و التجهيز ، بلإضافة لثالث عربي هو يمني ليلحق . و محصلة ذلك التطور ميدانيا منذ الدوحة ، هو تضيق المساحات القابلة لتوظيف الاأدوات الدبلوماسية ذات التأثير الميداني سياسيا ، و كيري و لافروف يدركان ذلك . الورقة الثانية التي وضعها الوزير السعودي على طاولة الاجتماع الثلاثي في الدوحة كانت هي ورقة اعادة الصياغات شرق اوسطياً ، و التي إعلن عنها هو شخصيا في مؤتمرا صحفي مشترك مع نظيره الإيطالي باولو جينتيلوني عقب مباحثاتهما في روما ، حيث اجاب الجبير على احد الأسئلة بهذا الشكل المقتضب و الصريح " الحل في سوريا هو برحيل الاسد سياسيا او عسكريا " . هنا ، نحن لا نتناول الموقف السعودي بقدرما هو تحديد السقف المقبول سعوديا قبيل زيارة الجبيرالمرتقبة لموسكو الثلثاء القادم ، و لتقليص هامش المناورة السياسية اما الروس في ظل استمرار تطور الموقف العسكري ميدانيا لغير صالح الحليف الروسي في دمشق . فالعاصمة دمشق تعاني من حصاراً فعليي ، مع استمرار المعارضة السورية في تحقيق المزيد من التقدم على كافة المحاور بما فيها الساحل الذي يمثل الخزان البشري ، و الحاضنة الاجتماعية لنظام الاسد . أضف لذلك نجاح عملية احتواء حزب الله في القلمون و الزبداني ، حيث بات ذلك الاحتواء يؤتي بالنتائج المرجوة منه في استنزاف حزب الله عسكريا و سياسيا . مسقط لن تمثل اكثر من قناة اتصال دبلوماسي رفيع المستوى مهما بلغ حجم الزخم الإعلامي المغدق عليها ، و ستبقى ذات تأثيراً محدود على المسارات الحقيقية سياسيا ، و موسكو بلإضافة لواشنطن يدركان ذلك تماماً ، بل و تقبل ما سوف تفضي اليه النتائج النهائية ميدانيا . دمشق هي قصب السبق الحقيقي شرق اوسطيا ، و وضعاً يقبل فيه بتوظيف كل الأدوات المتاحة للجميع ، بما في فيها كل اشكال المجالدة . لذلك ، نحن نجد هذا الكم من الجهد السياسي المبذول من كافة الأطراف المعنية ، و خصوصا الثلاثة الكبار في اجتماع الدوحة المغلق .قد تكون موسكو هي الحلقة الأضعف نسبيا بين من حضر ذلك اجتماع الدوحة المغلق ، مما قد يحتم عليها تقبل الخيار الصعب ، بشرط ضمان مصالحها في سوريا في إطار زمني قد ينقضي ببدء زيارة خادم الحرمين الشريفين ، الملك سلمان بن عبدالعزيز موسكو في الربع الرابع من 2015 . فمفهوم الاستقرار السياسي في الشرط الاوسط مسألة لا تحتمل ان تكون جدلية بالنسبة للسعودية و شركائها العرب ، مع كل ما فرضه ذلك من تكلفة بشرية و مادية تحملتهما السعودية و الامارات العربية بشكل كبير . و المعضلة الامريكية و الروسية تكمن حقيقةً في ادراكهما ان الارادة السياسية العربية قد تجاوزت هواجس أقران المواقف بالفعل الميداني عسكريا . زيارة موسكو سوف تحمل عناويناً تتجاوز سوريا ، فالتطورات الميدانية عراقيا قد تفرض واقعا غير متوقع قد ينتج عنه تقاطراً من صيني و امريكي باتجاة الرياض في القريب العاجل . اما طهران ، فإنها قد تدخل عملية المفاضلة الاستراتيجية سياسيا قريبا بين العراق و سوريا ، او ان تقدم على مغامرة من مغامراتها والتي قد تقود لعواقب لن تكون كما تشتهيها طهران .