أف ب - يقوم جون كيري بزيارة تاريخية الجمعة الى كوبا ليكون اول وزير خارجية اميركي يزور هافانا منذ العام 1945 من اجل تكريس اعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين العدوين السابقين ابان الحرب الباردة. وهذه الزيارة التي تستمر بضع ساعات تنطوي على اهمية تاريخية ورمزية كما ستسمح ببحث المواضيع الخلافية الحساسة بين البلدين الجارين اللذين لم يتحادثا رسميا طيلة اكثر من نصف قرن، مثل حماية حقوق الانسان والمعارضين السياسيين الذين اعلن جون كيري انه سيلتقي بعضا منهم، اضافة الى رفع الحظر الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن على الجزيرة الشيوعية وارجاع القاعدة البحرية الاميركية في غوانتانامو. سيمضي الوزير الاميركي طوال يوم الجمعة في هافانا لاعادة فتح سفارة الولايات المتحدة ورفع العلم الاميركي فوق مدخل الممثلية. وسيضم الحفل مسؤولين حكوميين من البلدين فضلا عن عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي. وبذلك سيصبح المبنى الضخم الشهير من الاسمنت والزجاج الواقع على الجادة المشاطئة لبحر ماليكون في هافانا مجددا سفارة الولايات المتحدة. ويندرج الحفل في اطار "عملية التطبيع" كما قال المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر الذي اعتبر ان يوم الجمعة الاستثنائي "يسجل بكل تأكيد مرحلة جديدة في هذه العملية بعد قطيعة استمرت 54 عاما. وفي الواقع اعادت واشنطن وهافانا علاقاتهما الدبلوماسية وفتح سفارتيهما في 20 تموز/يوليو بعد تقارب تاريخي اعلنه الرئيسان الاميركي باراك اوباما والكوبي راوول كاسترو في 17 كانون الاول/ديسمبر الماضي. وكانت واشنطن وهافانا، العدوان ابان الحرب الباردة، قطعتا علاقاتهما في 1961 في خضم ثورة كاسترو لكنهما اقامتا منذ 1977 شعبتين لرعاية مصالحهما. ومع بدء الانفراج قبل ستة اشهر التقى اوباما وراوول كاسترو في نيسان/ابريل اثناء قمة الاميركيتين في بنما كما زار وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز واشنطن في 20 تموز/يوليو لاعادة فتح سفارة بلاده. كذلك تم شطب كوبا من اللائحة الاميركية السوداء ل"الدول الراعية للارهاب". وينتظر الان ان يبحث كيري الملف الشائك المتعلق بحقوق الانسان والمعارضة السياسية الكوبية. واكد في مقابلة للتلفزيون الاميركي الناطق بالاسبانية "تيليموندو نيوز" التي بثت مقتطفات منها الاربعاء، "سالتقي معارضين (...) وستسنح لي الفرصة للجلوس معهم" اثناء حفل استقبال خاص في مقر السفير الاميركي في هافانا. ويتوقع ان تجرى هذه اللقاءات بعيدا عن الصحافة في منزل السفير وليس في مقر السفارة حيث سيجرى احتفال عام كبير. واقر كيري ان المعارضين ليسوا "مدعوين (...) الى السفارة لانه حدث بين حكومتين وحيث المجال محدود جدا". وعلى جانبي مضيق فلوريدا يتهم معارضون للانفراج بين البلدين --امثال السناتور الجمهوري ماركو روبيو-- الادارة الديمقراطية بانها وضعت جانبا مطالبها بشأن حقوق الانسان والحريات العامة. ورد تونر "لن نزيل بين ليلة وضحاها مخاوفنا بشأن المجتمع المدني وحقوق الانسان". وقد دانت وزارة الخارجية الاميركية توقيف 90 معارضا كوبيا الاحد من مجموعة "سيدات الرداء الابيض" الذين تظاهروا وهم يضعون اقنعة عليها صورة الرئيس اوباما لانتقاد عملية التقارب. وكان المحلل انجيل مويا زوج برتا سولر رئيسة سيدات الرداء الابيض قال قبل توقيفه ان اوباما "مسؤول عما يجري (في كوبا)، والحكومة الكوبية ازدادت جرأة مع المفاوضات". وتطالب كوبا برفع الحظر الاقتصادي الذي فرضه الرئيس الراحل جون فيتزجرالد كينيدي في 1996 وتم تعزيزه بقانون هلمز-برتون في 1996. وادارة اوباما موافقة على ذلك لكن الامر متوقف على الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون الذين يعارض كثيرون منهم الاجراء ويرون انه سيكون بمثابة مكافأة للشقيقين كاسترو. لكن بعد نصف قرن من المقاطعة الاميركية بدون نتيجة تنتهج واشنطن "مقاربة مختلفة عبر ارتباط دبلوماسي مع كوبا" على ما قال المحلل السياسي جون غرونبك-تديسكو من رامابو كوليدج في نيوجرزي مضيفا "ان الرأي العام في الولايات المتحدة تطور لصالح كوبا".