2015-10-10 

المرأة أولاً

علي أبو الريش

كيف تحميهم من التطرف؟ كيف تمنعهم من الانحراف؟ لا نحتاج إلى عصا موسى، كي يجف البحر من تحت أقدام المأزومين نفسياً، وإنما نحتاج إلى امرأة واعية بدورها قائمة بالواجب الإنساني على أحسن وجه، متقدمة بمشروعها التربوي من دون وصاية يد خارجية تقوم بالواجب، ولا واجب لدى المرأة غير نسيان الواجب .. اليوم وفي هذا الظرف التاريخي المهم لا نرى دوراً مهماً لكثير من النساء، ولا نرى ثقافة الانتماء إلى الأرض عند كثيرين من شبابنا العربي، الأمر الذي يستدعي من الجميع تكريس الجهد، لأجل أن تعود المرأة إلى مكانها الصحيح في منطقة ما بين نهري الحياة، وهي الحب، الأم التي تحب طفلها وتضعه في حضنها وترضعه من وجدانها المتألق حباً، تستطيع أن تزرع في قلب هذا الطفل شجرة اسمها الحب، وعندما يكبر ويترعرع تتفرع هذه الشجرة، ويتوزع الحب بمقدار متوازٍ ومتوازن مع حاجة الإنسان إلى الانتماء، سواء إلى الأرض التي يمشي عليها أو الآخر الذي يلتصق به. فالأم هي قانون الحياة وناقوسها وناموسها، ولا شيء يعادل حبها، وما يطفو اليوم على السطح من زبد، ونشارة أخشاب تالفة، إنما هو صنيع هذه الجفوة، وهذه الفجوة التي صنعت كائنات بلاستيكية بلا معنى ولا مضمون سرعان ما تتقصف تحت وطأة الضربات الجهنمية التي يوجهها أعداء الإنسانية وكارهو الحياة، الأم أولاً، لأنها صانعة العشاء الأخير، وقبل النوم، ترفع نشيد الحياة ليسمعه الأبناء، وعندما يصبحون يفتحون أعينهم على وجه أشرق من وجه الشمس وأينع من ورقة التوت. الأم أولاً لأنها المكان الذي ينمو فيه عشب الحياة، وتخضر الحقول، وتنبسط السهول، وتزداد الهطول، وإذا ما تخلت الأم عن دورها تغيب الشمس عن الوجود ويكسو الكون ظلام دامس، فلا يرى الجيل غير مساحات واسعة من كهوف وحتوف، وسقوف خفيضة خانقة لا تبعث على حرية الانتقاء الطبيعي للقيم الصافية النقية من شوائب الغدر والعدوان. الأم أولاً، لأنها الطريق، الممهد الذي يقود العربة إلى محطات يدخلها النسيم العليل من كل مكان، فلا يشعر المسافرون بالضيق ولا بالضجر ولا بالعدمية. الأم أولاً، لأنها إنْ تخلت عن دورها ومسؤولياتها سقطت تفاحة الوجود، وذبلت أفكار السعي إلى مكان آمن يحفظ النفس من الزلل والخلل. الأم أولاً، لأنها جناح الطير الذي يحافظ على الرفرفة كي لا يقع الفكر في براثن الانحطاط والشطط.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه