2015-10-10 

امتحانات المواقع الإلكترونية

علي القاسمي

يتلذذ الـ«هاكرز» بمتعة اختراق المواقع والعبث فيها، يجدون فيها متنفساً وتحدياً وشغباً ووضع شيء من الضجيج الموقت على طاولات المعنيين بمثل هذه المواقع كي يستيقظوا إن كانوا على شرف النوم، ويتنبهوا إن لم يزالوا مشغولين بخدمة عميل آخر أو منغمسين في أعمال روتينية لا تنتهي، لا يهم كم عدد المواقع التي تم اختراقها؟ ولا يهم أيضاً في هذا التوقيت الحافل بالمحترفين الهواة والمهووسين بالعبث الإلكتروني أن تضيع الأجهزة ذات العلاقة بهذه المواقع وقتها في التبرير والملاحقة والتنظير واستعراض العضلات وهي التي خارت قواها على يد مشاكس مجهول، ويبدو أن ثقافة الـ«هاكرز» قفزت من خانة التخريب والإضرار إلى خانة التحدي الصريح وإعلان أن إمكاناتهم الفردية ليست سهلة على الإطلاق، بل وتتجاوز إمكانات شركات ومؤسسات متخصصة ساقها القدر للمضي في عقود مع هذه الجهات تتحدث أوراقها التعاقدية عن نتائج مبهرة وضمانات أمنية وخطوط حماية عصية على الكسر أو التلاعب. المضي في زاوية الاستفادة من هؤلاء المتحدين والعابثين والمسمين بالـ«هاكرز» مسألة فيها نظر، لكن الاعتراف المبدئي بسوء حماية مواقع الجهات لا بد من أن يعلن، ولا عيب في التدقيق في المبالغ المالية المصروفة في أنظمة حماية شكلية ومواصفات يسمع عنها ولا ترى واكتشاف لماذا نحن الأكثر ثرثرة على الورق والعاجزون تماماً عند مواجهة الطارئ من المشكلات؟ قد تكون قدرات المسئولين عن هذه المواقع الإلكترونية أقل من الحد الأدنى للوجود في مساحاتها الخطرة والذكية، والواقع يتحدث عن هوس تأسيس المواقع في ظرف وجيز للتباهي وإضافة ذلك إلى سجل النجاحات وليحدث ما يحدث بعد ذلك، لا أظن عاقلاً يرضى بأن تكون معلوماته من يد مخترق ضار إلى أخرى، والـ«هاكرز» الطيبون أعلنوا، أي في غزواتهم الأخيرة، أنهم لا يحملون نية الضرر التام بقدر ما يحملون من إشارات وتنبيهات ورسائل مجانية من خلال مصافحات متكررة في أن أنظمة الحماية عرجاء، وإمكان الاختراق يسير، وسرقة المعلومات متاحة لمراهق وجد أن الأبواب مفتوحة ومهيأة، قبل النوافذ، لتلصص موقت، ويضيء المكان نحو نية علاج فعلي وسد للثغرات التي نثرت عليها أوراق نقدية هائلة ذات حماسة تحت بند الحماية والإغلاق. ربما أن على الجهات الحكومية الراغبة في تأسيس مواقع إلكترونية الاستئناس برأي الأساتذة الـ«هاكرز» وعرض مواقعهم التجريبية على أصابعهم تمهيداً للحصول على نتائج سريعة وصادقة، هذه المرة كان الـ«هاكرز» طيبين وبلا نوايا خارجة عن الضبط ومتجاوزة للضوابط، لكن مواقعنا الإلكترونية يراد منها أن تكون لنا وليس للآخرين، والموقع الإلكتروني إن لم يضيف ويحمي ويضع السرية شعاراً له فلا حاجة إليه مهترئاً معتلاً، وهناك قطعاً تجارب إلكترونية لجهات متمرسة كانت في غاية التماسك وبدرجة عالية من الأمان، استعراض تجاربها والاستفادة من خبراتها أجمل من أن تكون الجهات الأخرى المخترقة والمتحمسة الطائرة في فضاء العالم الإلكتروني من دون ثقل يمنعها من أن تكون عرضة مستمرة لامتحانات ساخرة ويكفيها حرج استمرارها «لعبة» ممتعة في يد «هاكر» طيب بامتحانه الحالي لكنه على أتم الاستعداد للتحول إلى شيء مختلف في امتحان قادم.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه