«وصلت سيارة الأجرة (بيضاء اللون) التي كانت تقلّ خالد العباسي من بلدة جدرا في ساحل إقليم الخروب إلى مطار رفيق الحريري الدولي. ناول خالد السائق المبلغ المطلوب، وتقدم إلى البوّابة الرئيسية، ثم دخل إلى أول حاجز لأمن المطار عند «السكانر» من جهة اليسار. قدّم أوراقه إلى العسكري ووضع محفظته أمام جهاز الكشف، وتولى أحد العسكريين تفتيشه يدوياً، وبعد ذلك اتجه صوب «الكونتوار» التابع للخطوط الجوية المصرية. تبلّغ الضابط المعني أن خالد العباسي صار موجوداً في المكتب. التقطت له أكثر من صورة، وأُرسِلت بواسطة «واتس آب» إلى الضابط المعني في مكتب المعلومات في المديرية العامة للأمن العام. ما إن تسلم الضابط الكبير الموقوف خالد العباسي، حتى كان يخاطب المدير العام للأمن العام الموجود في مسقط رأسه بلدة كوثرية السياد: مبروك سيدي. أحمد الأسير صار في ضيافتنا في المديرية». ما سبق جزء من رواية جريدة «السفير» اللبنانية، لتفاصيل القبض على أحمد الأسير. تعددت روايات الصحف اللبنانية، واحتفى بعضها باعتقال الأسير الهارب، ونقل الخبر بطريقة قصصية تشبه تلك التي صاحبت القبض على الزعيم الكردي عبدالله أوجلان. وعلى رغم أن المتأمل في تفاصيل اختباء الأسير، وتنقلاته، سيجد أن الرجل يتمتع بسذاجة مفرطة، ومتأثر بمسلسلات «الميلودراما» البوليسية، فإن بعض الصحف جعله في نظر الناس أذكى من رأفت الهجان، وأخطر من أبو بكر البغدادي. قصة القبض على أحمد الأسير تذكّرك بفيلم «الهروب» الذي يجسّد فيه الفنان أحمد زكي شخصية الشاب الصعيدي «منتصر عبد الغفور» الذي حوصر، بمصادفات درامية، فأصبح سفاحاً خطيراً. لكن السفاح المفتعل منتصر يتحول في أحداث الفيلم إلى أداة لإشغال الرأي العام عن قضايا أهم وأخطر، فيسهل له الهرب والاختباء، مرة تلو أخرى، إلى أن ينتهي دوره كوسيلة لأجهزة الاستخبارات فيُحاصَر ويُقتل. لماذا تُرك أحمد الأسير حراً طليقاً كل هذا الوقت؟ ولماذا يُقبض عليه الآن، وتُصنع من مطاردته حكاية أشبه بقصص الأفلام؟ وما هو سر احتفاء بعض الصحف بقصة اعتقاله، ونقل تفاصيلها على مدى أيام وبروايات وصيغ متعددة؟ لا شك في أن بقاء أحمد الأسير مختبئاً كل تلك المدة، على رغم وجوده في مخيم عين الحلوة، الذي لا سرّ فيه، وتوقيفه بطريقة درامية، يذكّران بتصفية أسامة بن لادن، ويثيران أسئلة كثيرة. الأكيد أن نهاية أحمد الأسير، ستكشف هذا الغموض. هل سيُقتل في نهاية هذا الفيلم اللبناني، ويموت سرّه معه، مثلما حدث مع منتصر عبدالغفور، في الفيلم المصري، أم سيبقى الأسير حياً، ويكشف لنا بقية الحكاية؟ سننتظر ونرى. من جريدة الحياة