مع اقتراب موعد انتخابات "مجلس الشورى" (البرلمان) "مجلس الخبراء" في إيران، استُبدل الصراع التقليدي بين الإصلاحيين والمحافظين إلى حد كبير بانقسامات بين الفصائل المحافظة القوية، مع تهميش الإصلاحيين المعتدلين. وسيواجه مجلس الخبراء الجديد والذي سيبقى قائماً حتى عام 2023، على الأرجح التحدي المتمثل بتعيين خلف لخامنئي البالغ من العمر ستة وسبعين عاماً. ويرجح مهدي خلجي زميل معهد واشنطن أن يصبح أعضاء المجلس الجدد لاعبين سياسيين رئيسيين وبالرغم من الدور الشكلي الذي اضطلع به مجلس الخبراء عبر التاريخ، وبالرغم من أن الحرس الثوري والمؤسسات النافذة الأخرى ستمارس بطبيعة الحال ضغوطاً قوية على عملية اتخاذ القرار المتعلق بالخلف، إلا أن مجلس الخبراء هو السلطة الوحيدة التي تتمتع بالصلاحية القانونية لتعيين المرشد الأعلى المقبل ومنحه الشرعية. وأوضح أنّ مجلس الخبراء هو المسؤول بموجب الدستور عن تعيين مرشد أعلى جديد والإشراف على عمله وعزله إذا ما أخلّ بواجباته، إلا أن القدرة الفعلية لمجلس الخبراء على مساءلته لطالما كانت شبه معدومة على أرض الواقع. وضرب مثلًا بالانتقادات الحادة التي تعرّضت المؤسسة على مر السنوات لعدة أسباب، منها طريقة عزل عضو المجلس السابق آية الله حسين علي منتظري في عام 1989. فمن خلال ضرب عرض الحائط بسلطة "مجلس الخبراء" الحصرية لإقالة أعضائه، أقدم آية الله الراحل روح الله الخميني على عزل منتظري، ويعود ذلك القرار جزئياً إلى احتجاج منتظري ضد الأمر غير القانوني الذي أصدره المرشد الأعلى عام 1988 بإعدام أكثر من أربعة آلاف سجين سياسي. وقد أظهرت خطوة الخميني أن "مجلس الخبراء" هو مجرد أداة أخرى بيد المرشد الأعلى بدلاً من أن يكون سلطة مسؤولة عن محاسبته. وتابع فيما يتعلق بدور مجلس الخبراء في اختيار خلف للمرشد الأعلى، انتخب المجلس خامنئي كخلف للخميني منذ حوالي ثلاثة عقود، ولكن الإجراءات القانونية التي اتُبعت لاختياره ما زالت تثير تساؤلات جدّية. . وعندئذ سيتركز السؤال الرئيسي حول إذا ما إذا كان حلفاء الرئيس حسن روحاني وغيره ممن يُطلق عليهم بالمعتدلين سيكونون قادرين على الحصول على عدد كبير من المقاعد في كلتا المؤسستين في آن واحد. ويرى خلجي أنّ الإصلاحيين يحاولون حشد صفوفهم وتوحيدها، ففي أكتوبر الماضي، أعلن حسين ماراشي العضو في حزب "كرغوزاران" ، أن فصيله كان يخطط للعمل ضمن جبهة عريضة إصلاحية بقيادة الرئيس السابق محمد خاتمي، سعياً لإيصال المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين إلى "مجلس الشورى". وبالمثل، أعلن النائب السابق للرئيس خاتمي، محمد رضا عارف، عن ترشحه؛ وتشير مصادر إصلاحية أن خاتمي نفسه يدرس احتمال الترشح أيضاً. إلا أن حظوظ المعتدلين بالنجاح محدودة. فعلى سبيل المثال، ذُلّ خاتمي على يد المرشد الأعلى عام 2009، وما زال مُحظراً رسمياً على الإعلام الإيراني نشر أي أنباء عنه وهو ممنوع من السفر إلى الخارج. أما بالنسبة إلى الرئيس الايراني حسن روحاني، فيبدو أن فريقه ليس لديه أي خطة واضحة بشأن الانتخابات، بالرغم من اقتراب الموعد النهائي (19-25 ديسمبر) لتسجيل المرشحين بسرعة. ويؤكد زميل معهد واشنطن أنّ معسكر المحافظين أكثر ديناميكية من المعتدلين، فلم يعد المحافظون يشكلون حركة متجانسة وموحدة، إذ تعبّر فصائل مختلفة عن معارضتها الجدية لقضايا أساسية مثل الاتفاق النووي، لافتًا إلى أنّ ذلك سيجعل من الأسهل عليهم تمثيل الاتجاهات السياسية والاقتصادية البارزة للناخبين المحتملين وملء الفراغ الذي سيولده استبعاد "مجلس صيانة الدستور" الحتمي لرموز معتدلة وإصلاحية هامة. وتابع "في محاولة لمساعدة المرشحين المعتدلين على هزيمة المحافظين في انتخابات فبراير، سيلعب الرئيس روحاني على الأرجح ورقته الأخيرة، وهي نجاح مساعيه الرامية إلى رفع العقوبات بعد عامين من المفاوضات النووية الشاقة مع «مجموعة الخمسة زائد واحد». فقد تمحورت حملته الرئاسية عام 2013 ونقاشات العامين الماضيين حول الوعود التي قطعها للشعب بتحسين ظروفه المعيشية بشكل جذري بمجرد رفع العقوبات" وقال: من غير المرجح أن يلمس معظم الإيرانيين هذه الآثار الإيجابية بحلول فبراير، فحتى لو تمت الموافقة على الاتفاق النووي بشكل نهائي، إلا أن الطابع المعقد لنظام العقوبات والنظام المصرفي الدولي ربما يؤخران بروز آثاره الملموسة. وبحسب معهد واشنطن لا يمكن للمعتدلين الاعتماد على العامل الاقتصادي لاستقطاب الناخبين. وفي الواقع، قد يستغل معارضو روحاني بطء التحسينات بعد رفع العقوبات لاتهامه بالإدارة غير الكفوءة والمبالغة في الربط بين الاقتصاد الجيد والتسوية النووية. ويواجه المعتدلون عائقاً آخراً وهو افتقارهم للتغطية الإعلامية القوية أو القدرة التنظيمية للتأثير على الرأي العام. فبالإضافة إلى الحظر المفروض على خاتمي، فإن وسائل الإعلام التي يسيطر عليها النظام عادة ما تضع الإصلاحيين على القائمة السوداء؛ أما تنظيماتهم السياسية (على سبيل المثال، «جبهه مشاركت ايران اسلامي» و«مجاهدين انقلاب اسلامي») فإما أنها محظورة أو لا تنشط كثيراً بسبب ضغوط النظام. وأخيراً، ليس هناك شك بأن حلفاء روحاني قد شعروا بالإحباط ليس فقط من جراء إعادة تعيين جنتي المحافظ جداً كأمين عام لـ "مجلس صيانة الدستور"، بل أيضاً نتيجة تعيينه رئيس لجنة مراقبة انتخابات "مجلس الشورى" و"مجلس الخبراء". فهاتان الخطوتان الأخيرتان توجهان رسالة واضحة إلى جميع المرشحين المحتملين من خارج معسكر المحافظين.