2015-10-10 

مكاشفة وزارية!

محمد اليامي

مع بدء الدراسة أعلن وزير التعليم أن وزارته سحبت هذا العام 1300 مشروع مدرسي متعطل، منها 300 مدرسة متعطلة منذ أربع سنوات، و1000 مشروع منذ تسع سنوات، ما اضطر الوزارة إلى استئجار 1300 مبنى مدرسي هذا العام. يشكر السعوديون الوزير على هذه المكاشفة المحزنة، التي لا يتحمل شيئاً منها كونه جديداً في الوزارة، وكونها معضلة باتت اليوم معروفة ومزمنة، حيث تتعطل آلاف المشاريع في أنحاء البلاد، والشيء الذي نقرأه من هذه المكاشفة أن الاستفادة من فترات الرخاء لا تتم بالشكل الذي يساعد على تخفيف أعباء أوقات الشدة. والسعودية وإن لم تدخل مرحلة «الشدة» بعد، لكنها مقبلة على انحسار كبير في الدخل، وبالتالي ومن خلال التجارب السابقة لا بد أن يتقلص الإنفاق، على رغم أننا يجب أن نشهد بأنها لا تقلص كثيراً في القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم، ولكن القطاعين يتعطلان كثيراً من تعطل المشاريع. هل نفهم من مثل هذا التصريح الذي يشكل عينة لقطاع واحد فقط أن الأرقام التي أعلنت خلال السنوات التسع الماضية كمشاريع للتعليم كانت تشمل تكاليف الألف مدرسة المتعطلة مشاريعها؟ وبالتالي نحن فعلياً لم ننفق مجموع الأرقام في السنوات التسع، لكننا رحلنا تكاليفها عاماً بعد عام حتى صارحنا الوزير؟ وكم مثلها من المشاريع ينطبق عليه هذا إن كان هذا ما حدث، أم أننا كنا نجمد أموال هذه المشاريع لحين الفصل فيها، ونضيف أموالاً جديدة نرصدها لكل عام جديد متجاهلين التعثر السابق؟ السعودية، وأقولها جازماً هي أكبر دولة تنفق على رفاه شعبها، لكن مشكلتها في التنفيذ، والمثال أعلاه يتحدث عن مشاريع لا تعد ضخمة أو عملاقة لا في حجمها أو كلفتها، فمشروع بناء مدرسة يستطيع تنفيذه مقاول من حجم متوسط فما دون، فما الذي حدث لتتعطل 1300 مدرسة؟ هل تراخت الوزارة في الرقابة، أم بخلت وزارة المالية في الإنفاق؟ أم استمر بعض المقاولين في تجميع المشاريع وأخذ مقدماتها من دون تنفيذها؟ نحتاج إلى مكاشفات كثيرة من جهات عدة، ونحتاج إلى أن نعرف الفرق بين مقاولين ملتزمين نفذوا مشاريع عملاقة كجامعة الأميرة نورة، أو مطار المدينة المنورة الدولي، أو توسعة الحرمين، أو أي مما نعرف أنه أنجز بكفاءة، وآخرين أفسدوا علينا طموحات التنمية، فلنطرح الأسئلة أكثر، لنتحصل على إجابات أدق إذا كنا نروم تحقيق الأمنيات، وتجاوز الأوقات الصعبة التي بدأت تطل على اقتصاد العالم ونحن جزء منه. جميل ومطمئن أن يكون لدينا احتياطات مالية ضخمة، والأجمل والأكثر طمأنينة أن لدينا ولاة أمر قادوا ويقودون دفة البلاد وشؤون العباد بعزم على التنمية وحزم ضد الفساد والتراخي، لكن المقلق أن ثرواتنا أحياناً، وفي بعض المشاريع يطالها الهدر أو التجميد، فلا تكون استثماراً ينتفع به الناس. انخفضت أسعار النفط، وربما واصلت الانخفاض أو توقفت، أو عاودت الصعود ببطء، وهذا سيجعلنا نفتش في كثير من دفاترنا القديمة نسبياً، دفاتر العقد الماضي، كما يفعل التاجر عندما تكون تجارته مهددة، ولعل أكثر من وزير يكاشفنا بشفافية ليساعد على التشخيص، ولتقوم الحكومة بالعلاج. صحيفة الحياة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه