ما إن تحدث أزمة في الخارج لمواطنين، إلا وقد سارعنا في الحديث عن السلوك والقانون وضرورة الالتزام بهما انطلاقاً من موجبات المواطنة المعبرة عن الانتماء والأخلاق. إن المواطنة الحقة لا تحتاج إلى البرهان والقياس عندما تكون متجذرة في الذات وحب الوطن، لكن، للأسف، البعض يسيء لها من خلال التصرفات أو الأفكار المنحرفة أو الجهل بمتطلباتها، كثيرون، أيضاً، لا يدركون أن المواطنة انتماء وولاء ويجب أن تنعكس في كل تصرف وعمل ومسؤولية، وفي أي مكان وزمان... لهذا نتساءل مثل غيرنا ما الذي يدفع بعض المواطنين وهم في سفر خارج وطنهم أن يتصرفوا بما لا يليق بأنفسهم ووطنهم، ولا بقوانين الدول التي يتواجدون فيها؟، وما الفائدة من هذه السلوكيات المختلة التي قد يعاقب عليها فاعلها في الدول بأشد العقوبات، بينما هدفه من الزيارة هو السياحة والاستجمام؟، المشكلة ليست فقط في طبخ بطة، أو قتل طير أو حيوان، أو إتلاف حديقة عامة، أو إلقاء القاذورات، أو التشفيط باستخدام سيارات كويتية أو غير ذلك من مظاهر سلوكية تحدث كل عام في بلاد الآخرين وتسيء للوطن، ويتضرر منها كل المواطنين، وإنما في ضعف التربية والأخلاق والتعود على التعدي على القانون. يؤكد علم اجتماع النفس أن أي سلوك غير مرغوب فيه إنما هو نتاج تربية وتوجيه متخلف، وهو سلوك لا يعتبر آنياً منسجماً مع ظرف معين، وإنما هو امتداد طبيعي لتراكم الخلل حيث لا رقابة أو توجيه أو تطبيق للقانون في بلد المصدر، ما يجعل السلوك المختل ظاهرة ممتدة أيضاً إلى الخارج. وهذا ليس بغريب فنحن نلاحظ حجم الخلل في سلوك بعض الشباب في الداخل حيث التعدي على المحميات، وتلويث الشواطئ، وإلقاء القمامة، وتلف الممتلكات العامة، وصيد الطيور والحيوانات، ومخالفات المرور وغيرها من ظواهر سيئة نشتكي منها، ونطالب بتطبيق العقوبات عليها لكن لا حياة لمن تنادي. ومع ذلك، تظل إشكالية السلوك المنحرف مسؤولية جماعية لا تستطيع الحكومة أن تفعل أي شيء سوى تشديد الرقابة وتطبيق القانون، وتفعيل دور التربية والوعي في مؤسساتها التعليمية والإعلامية والدينية وغيرها. إن حاجتنا ماسة إلى معالجة مصدر اختلال السلوك في الداخل أولاً بدل البحث في كيفية معالجة حالات انحراف السلوك في الخارج. فأي تصرف شاذ يقوم به المواطن في الخارج عليه أن يتحمل تبعاته لدى الجهات القانونية في الدول التي يزورها، ولا ينبغي أن تتدخل الدولة في حل مشكلات من هذا النوع، خصوصاً أن التعديات في الخارج لا تحدث فقط من السائح، وإنما كذلك بعض الحالات التي ترد تقارير عنها وتشير إلى أن بعض المرضى أو ذويهم الذين يتعالجون على نفقة الدولة أيضاً يلجأون أيضا لكسر قوانين الدول المتواجدين فيها للعلاج. اتركوهم يتحملون تبعات أفعالهم، فالقانون في الخارج صارم ومطبق على الجميع... صحيفة الرأي الكويتية