2015-10-10 

العداء الإيراني - الأميركي

يعقوب الشراح

لقد تجاوز العالم القلق النووي الإيراني باتفاق تعتبره الأطراف الداخلة في التفاوض، إيران والدول (5+1) أنه اتفاق مقبول ساهم في التخلص من التعقيدات والصعوبات التي عانى منها كل أطراف المفاوضات. وبرغم اتفاق الأطراف نفسها على أن هناك أموراً أخرى ليس من السهل معالجتها الآن، وربما في المرحلة المقبلة من البدء بتطبيق الاتفاقية، وتبدل المعطيات، إلا أن الاتفاق لا علاقة له بالتفاهم على العداء بين الطرفين الإيراني والأميركي. فلقد أعلن أن الخلاف الأيديولوجي والسياسي مع إيران لا يشكل عقبة أمام العمل بالاتفاق النووي. الأميركيون وعلى لسان رئيسهم أوباما أكدوا بعدم الالتفات إلى الخلافات الأيديولوجية، فالهدف لديهم وقف كل نشاط نووي إيراني، ومنع إيران أن تكون دولة نووية. أما إيران فلا تجد للجانب النووي أهمية مطلقة مقابل خروجهما من الحصار الاقتصادي بأي ثمن بعد أن أرهقها الحصار وشل اقتصادها، وقيد الكثير من نشاطاتها الخارجية، وخاصة علاقاتها الدولية مع العالم، وبالذات مع دول الجوار. لذلك فإن غالبية الأطراف ربحت من صفقة الاتفاقية النووية، وخاصة إيران والدول الأوروبية وعلى رأسها أميركا وإسرائيل. والسؤال ما هو الدور المقبل لإيران بعد أن أزيح الملف النووي من طاولة المفاوضات؟ إن أي محاولة إيرانية للخروج عن إطار الاتفاق النووي في المرحلة المقبلة يعني العودة إلى المربع الأول بالإعلان عن إلغاء الاتفاق، وبالعزم الدولي على التدخل العسكري الذي ستباركه الأمم المتحدة، ويتفق عليه المجتمع الدولي من دون تردد. هذه الحقيقة تدركها إيران ولا يخفي عليها التداعيات الكارثية من العودة للنشاط النووي. ولا أظن إيران ستعاود التفكير في النشاط النووي غير السلمي مدركة بمخاطر هذا السلوك عليها، فأي اتجاه مؤدلج أو سياسي أو تدخل في شؤون الغير بلا شك له ثمن لن يكون في صالح احد. ولعل التجارب المأسوية التي مرت ومازالت بالعراق وسورية خير دليل لحجم الدمار الذي حدث ومازالت تداعياتها إلى اليوم تعانى منها هذه الدول. لا شك أن مراقبة طهران من المجتمع الدولي في المرحلة المقبلة ستكون أكثر صرامة نتيجة للشروط الواردة في الاتفاقية النووية والتي وافقت عليها طهران. وهذه المراقبة تشمل وضع نظام يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة، وعدم الحصول على الأسلحة النووية، وتطبيق آلية للتفتيش الدولي في المفاعلات النووية والمواقع العسكرية لإيران، ووقف التدخلات في الدول المجاورة، وتقديم ضمانات لدول الخليج في ما يتعلق بالأمن والاستقرار، وخفض مخزون إيران من اليورانيوم بنسبة (98 في المئة). فعدم العمل بهذه الشروط يعني انتهاكاً للاتفاق النووي، وبالتالي عودة العقوبات بطريقة أشد مما كانت، وقد يتطور الوضع إلى تدخلات عسكرية بتدمير جميع المفاعلات الإيرانية القائمة حالياً من دون تردد، خصوصاً وأن أميركا صرحت أكثر من مرة بأن الخيار العسكري سيظل وارداً في حال التراجع الإيراني عن تطبيق الاتفاقية. الأمل في أن تطبق إيران الاتفاقية النووية، خاصة وأن المسؤولين الإيرانيين يصرحون بين فترة وأخرى أن الاتفاقية لا تصب في صالح إيران، ويعتقدون بأنها خدعة تؤدي إلى الهيمنة والتدخل الأميركي جراء تحييد إيران عن نشاطاتها العسكرية. فالعداء الإيراني لأميركا يظل قائماً في البعدين، الإستراتيجي والأيدلوجي، كما أن التوجس الأميركي من تحويل العداء إلى عرقلة للاتفاق في مراحل التنفيذ توجس قائم ومحسوب في المرحلة المقبلة. فلا أحد يعرف على وجه التحديد انعكاسات العلاقة الإيرانية- الأميركية على دول المنطقة، وبالدور الإيراني المقبل في التغييرات المحتملة، وبالذات في سورية والعراق. yaqub44@hotmail.com

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه