في كل يوم نسمع ونطالع خبراً سيئاً عن دولة من الدول العربية، بدايةً من المشكلة الأساسية والجرح العميق في القدس وفلسطين واقتحام الصهاينة للمسجد الأقصى ومروراً بسوريا واليمن وليبيا والسودان ولبنان ومصر وتونس، ووصولاً الى كل أجزاء الجسد العربي النازف من مختلف أجزائه وجنباته. ومع كل هذه القلاقل والاضطرابات نجد أن العالم في وادٍ والأجواء عندنا في الكويت في وادٍ آخر وكأننا لا نتعلم من دروس الماضي، وكأننا لا نجيد قراءة خارطة الأوضاع في المنطقة، وكأننا كالأطفال لا نفهم ولا نستوعب خطورة الموقف حتى نكتوي بالنار ونشعر بمرارة الألم ونذوق الويلات فيا رب سلم سلم. ففي كل يوم تطالع الصحف المطبوعة والالكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي لتجد وابلاً من التراشقات والمهاترات السياسية الكلامية، ووصلات من الردح وتبادل الاتهامات والتشكيك في الانتماءات، وبنظرة واحدة متأنية تجد أن الجميع يتكلم بدافع المصلحة العامة وحب الوطن والدفاع عن حقوق المواطنين ومصالح الشعب، لكن حقيقة الأمر أن مصلحة المواطن الكويتي ودولة الكويت في اتجاه، وما يحدث في المحيط السياسي والاجتماعي في اتجاهٍ آخر، وتستمر الجعجعة والنعرات النتنه في الظهور، لكننا لا نرى طحيناً ولا نتيجةً إيجابيةً ملموسةً على أرض الواقع، وكأننا كتب علينا أن نستمع كل يوم الى صيحات البطولات دون أن نجد بطلاً حقيقياً ينتقل من مربع الكلام الى مربع الفعل، فهل يستمر الوضع على ما هو عليه؟! الحقيقة أنا لا ألوم المعارضة أو الحكومة أو المثقفين أو النخبة؛ بل إنني أتهم الجميع- ولا أبرئ نفسي- من الاستمرار في دوامات الجدال العميق، خصوصا ممن يملؤون الحسابات والتغريدات أو «المانشتيات» بالاتهامات، فيوماً بعد يوم امتلأ قلب المواطن الكويتي بالملل وبدأ في العزوف عن كل هذه المهاترات، ويمكننا أن نلاحظ ذلك من خلال الحركة البطيئة والرتيبة للشارع السياسي الكويتي. وبشكل عام يمكننا تلخيص الوضع العام بأنه «لا جديد»، فالكل يقف «محلك سر»، فلم تفعل الاتهامات شيئاً ولم تغير التراشقات ودعوات التخوين في الموقف العام، فالحكومة والبرلمان برغم التوافق وعدم وجود المعارضة لم يحققا إنجازاً ملحوظاً يلمسه المواطن، بالرغم أن حجة المعارضة لم تعد موجودة منذ عامين تقريباً، فما الذي يمنع الإنجاز؟!، وما الذي يمنع العمل؟!، وما الذي يحول بين تحقيق الرؤى التنموية لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، من تحويل الكويت الى مركز تجاري عالمي، ومن استثمار طاقات الشباب الكويتي، ومن العمل على تحقيق الخطة التنموية للدولة والتي تمتد الى العام 2035؟!، الاجابة قد تجدها عندك عزيزي القارئ فأنا مؤمن أن رجل الشارع الكويتي هو أقدر المحللين وأكثرهم فهما لما يدور في الأحداث والكواليس، وبذكائه وفطرته يتفوق على المحللين والمنظرين. أما الجهة الأخرى التي تتعلق عليها المعارضة فلا نجد فيها أيضاً سوى التراشقات والاتهامات، ولم تحقق ولم تضع خطاً تنموياً يمكن أن يرى الشعب الكويتي النور من خلاله فيتبعه، ومن هنا كانت الطرقات مظلمة والوضع مخيف ومقلق للجميع، خصوصا مع الاضطرابات والقلاقل والعواصف التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، لتبقى منطقة الخليج العربي منطقة «استقرار نسبي» مرتبط بالعديد من الحسابات والتوازنات الدولية. أتمنى أن تكون كلماتي قد ألقت الضوء على الموقف الخطير الذي تشهده المنطقة والذى يحيط بالخليج العربي بصفة عامة وبالكويت بصفة خاصة من كل جانب، وأتمنى من الجميع أن يضع مصلحة الوطن قبل مصلحتة، وأنادى الجميع نداء الخائف القلق من القادم بأن يحكموا ضمائرهم وعقولهم في مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، فيا أيها القوم اتقوا الله في وطنكم وبلدكم، أليس منكم من يفهم الوضع؟!، أليس منكم من يعمل لأجل الوطن، ياقوم.. أليس منكم رجلٌ رشيد؟! وأخيراً: تعالوا معي نتأمل قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وأيضاً خطبة المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، نعم نتأمل ونتعلم ونطبق قبل فوات الآوان. أسألك يا رب في هذه الأيام الفضيلة المباركة بأن تغفر وترحم الخال أبو مفرح والعم أبو هديبان.