سيكون الأمير محمد بن نايف، الأول من جيله لتولي عرش المملكة، ويؤمن العالم بقدراته حتى لقب بأمير مكافحة الإرهاب. ويؤكد بروس ريدل مدير مشروع الاستخبارات في مركز بروكنجز أنّ المسؤولين الأمريكيين يأملون بقاء محمد بن نايف في هذا المنصب، حيث أنه هو الشخص الموثوق لدى أجهزة مكافحة الإرهاب والاستخبارات في أمريكا، نظرا لجهوده البارزة في مكافحة الاٍرهاب. وعلى غرار الكثيرين من أبناء جيله من العائلة المالكة السعودية، التحق محمد بن نايف بمدرسة في الولايات المتحدة، وتلقى الدروس في كلية لويس وكلارك في بورتلاند، أوريغون، درس في مكتب التحقيقات الاتحادي في أواخر الثمانينيات، وفي معهد مكافحة الإرهاب في سكوتلاند يارد بين عاميْ 1992 و 1994. يقول ريدل مع حلول العام 2001، كان محمد بن نايف قد أصبح شخصية مهمة تحظى باحترامٍ كبير في أمور الحرب على الإرهاب، وكان قد شغل قبل عامين منصب مساعد وزير الداخلية، وبتولى بن نايف وزارة الداخلية تنفّست واشنطن الصعداء وشعرت بالتفاؤل بشأن العمل معه، الذي كان بحلول ذلك الوقت قد ارتدى بالفعل عباءة أمير مكافحة الإرهاب. ويشير إلى أن محمد بن نايف ملموبأحدث التكتيكات المبتكرة في مجال مكافحة الإرهاب، وخاصة في ما يتعلق بالجهود الرامية إلى إعادة تأهيل الإرهابيين الذين إما ألقت الشرطة القبض عليهم أو انشقوا عن الجهاز الإرهابي بسبب خيبة الأمل من القضية الجهادية في 12 مايو 2003، تعرضت المملكة لأول هجوم كبير ، في مجمعٍ في الرياض حيث كان يقيم خبراء عسكريون أجانب يعملون مع القوات المسلحة السعودية. وشارك أكثر من اثني عشر مسلحاً من إرهابيي القاعدة بالسيارات المفخخة والأسلحة الصغيرة في ذلك الهجوم الذي أسفر على الأقل عن مقتل ثمانية أمريكيين، وأستراليين اثنين، والعديد من الغربيين الآخرين، فضلاً عن عددٍ من حراس الأمن السعودي. ويؤكد مدير مشروع الاستخبارت أنّ جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية في إدارة الرئيس كلينتون كان يعتبر محمد بن نايف أقرب شريكٍ لوكالة الاستخبارات المركزية في محاربة القاعدة والمسؤول الأساسي الذي سيضع حداً للتهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة لآل سعود بين عامي 2003 و 2006. ونقل ريدل عن تينيت قوله إنّه "الأهم من بين الأشخاص الذين تحدثت إليهم. فهو شاب نسبياً، وقد وضعنا فيه قدراً كبيراً من الثقة وأوليناه احتراماً عظيماً." خلال تلك الفترة تمكّن محمد بن نايف من تحقيق حضورٍ مميز ولافت. وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، كانت المملكة ساحة معركة إذ هاجم تنظيم القاعدة أهدافاً شملت حتى مقر وزارة الداخلية في الرياض، ومجمعات أخرى للأجانب، وكانت هذه أطول حملةٍ متواصلة من الاضطرابات العنيفة واجهتها المملكة العربية السعودية في خمسين عاما. تولى محمد بن نايف قيادة الهجوم المضاد، وكان محمد بن نايف يمثل واجهة الحرب السعودية على تنظيم القاعدة، ويظهر على شاشات التلفزيون وفي الصحف لشرح التهديد الذي كانت المملكة تواجهه. كانت استراتيجية محمد بن نايف فعاّلة تتميّز بحدّتها، وكان حريصاً على عدم الانخراط في عمليات تفتيش وتدمير ضخمة تربك النظام، والتي قد تؤدي إلى أضرارٍ جانبية، وتعطي انطباعاً بأن المملكة تحترق، وكانت المطاردات هادفة وانتقائية وتفادت سقوط ضحايا من المدنيين، وابتعدت عن العنف الذي اتسمت به عمليات مكافحة الإرهاب في الجزائر في التسعينيات وفي العراق حالياً. وهكذا تمكنت الفرق الخاصة التابعة لوزارة الداخلية من مطاردة الإرهابيين والقبض عليهم دون التسبب برد فعلٍ سلبي بين الشعب. وقد أدرك الأمير ضرورة الحفاظ على التناسبية والتزام الحذر في مكافحة الإرهاب بطريقة سرية. وبحلول العام 2007، بدت سيطرة محمد بن نايف ووزارة الداخلية على تنظيم القاعدة واضحة، وبدأ التهديد يتلاشى، خسر الجهاديون معركة السيطرة على القلوب والعقول في البلاد، وأخفقوا في كسب التأييد الشعبي لقضيتهم، مما ألحق الهزيمة بهم. وإذ بقي محمد بن نايف حذراً من الخطر الذي لا يزال تنظيم القاعدة يشكله على المملكة، أعدّ شبكة من المخبرين، وأحبط أكثر من مؤامرة ضدَّ الولايات المتحدة. وعندما وضع تنظيم القاعدة قنابل على متن طائرات تابعة لشركتيْ UPS و FedEx كانت متجهة من اليمن إلى شيكاغو، عشية انتخابات الكونغرس الأمريكي في العام 2010، اتصل محمد بن نايف بالبيت الأبيض وقدَّم إلى جون برينان، مستشار الرئيس أوباما لشؤون الإرهاب، أرقام الحاويات القاتلة لمتابعتها. وقد تمّ توقيف هذه الطائرات بعد ذلك في كلٍ من دبي وشرق ميدلاند بالمملكة المتحدة، وأزيلت القنابل. يُعد محمد بن نايف، بالإضافة إلى سمعته الدولية كرئيسٍ واسع الحيلة للأعمال الاستخباراتية، بطلاً في بلده نتيجة للحادث الذي كاد أن يكلفه حياته منذ ست سنوات. ووافق محمد بن نايف على لقاء عبد الله عسيري، أحد إرهابي تنظيم القاعدة، الذي قال إنه سيسلم نفسه للسلطات شرط أن يسلّم نفسه مباشرة إلى نائب وزير الداخلية السعودي. ووعد عسيري أنه إذا كان بوسعه لقاء الوزير وجهاً لوجه، فإنه سيكون بعد ذلك قادراً على إقناع رفاقه – (بمن فيهم شقيقه إبراهيم عسيري، أفضل صانع للقنابل في تنظيم القاعدة والذي جهَّز في وقتٍ لاحقٍ القنابل التي وضعت على الطائرتين المتجهتين الى ديترويت وشيكاغو) – على الاستسلام كذلك. وعندما جرى اللقاء يوم 27 أغسطس 2009، فجَّر عسيري قنبلة كلفته حياته، ولم تلحق بالأمير سوى جروح طفيفة. وبعد عدة ساعاتٍ، ظهر محمد بن نايف على شاشة التلفزيون ليروي القصة للشعب السعودي، من دون الدخول في التفاصيل. وبعد بضعة أيام، اطَّلع ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية حينذاك، الذي كان يزور الرياض، على تفاصيل ما حدث. روى محمد بن نايف أنه جلس وعسيري على وسائد كانت تفترش الأرض بعد أن دخل هذا الأخير إلى مكتبه. وفجأة بدأ عسيري يرتعش ويبكي، ثم أخرج هاتفاً خلوياً من ثيابه قائلاً إنه يريد الاتصال بعائلته. وبعد مكالمة شديدة اللهجة مع شقيقه إبراهيم، أعطى الهاتف إلى محمد بن نايف، الذي استهل المحادثة بالتحية العربية التقليدية: السلام عليكم. وفي تلك اللحظة بالذات، فجَّر عسيري نفسه وتناثرت أشلاؤه إرباً إرباً. بيد أن المتفجرات، التي كانت مخبأة في جسمه، انفجرت نحو الأسفل وتركت حفرة حيث كان يجلس، ونجا الأمير محمد بن نايف. كانت هذه هي المحاولة الرئيسية الثالثة على الأقل لاغتيال الأمير، ولكن هذه المحاولات الفاشلة عززت لديه العزم على قيادة هجوم المملكة العربية السعودية المضاد لتنظيم القاعدة، ولطالما تميزت شخصيته بحسٍ عالٍ بالالتزام، وهي صفة ورثها عن والده، الأمير نايف، الذي ظلَّ وزيرا للداخلية لمدة 37 عاماً.