دويتش فليه- تسعى بغداد لتحويل انتباه الروس لصالح حربها ضد داعش رغم أنّ العراق وسوريا يهددهما تمدد تنظيم داعش الذي سيطر على أجزاء شاسعة منهما. بعد يوم واحد من بدء الروس ضرباتهم الجوية في سوريا، نقلت وسائل إعلام عربية وعالمية عن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي القول،إن العراق ليس شريكا في العمليات الروسية - الإيرانية على داعش في سوريا وإن تعاونه يقتصر على الدعم الاستخباري. ثم عاد وأعلن لتلفزيون فرانس 24 أنه سيرحب بالضربات الجوية الروسية في العراق، لكنه لم يناقشها بعد مع بوتين. هذه التصريحات من العبادي جاءت بعد ثلاثة أيام فقط من تأكيدات أطلقها مسؤولون عراقيون عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة مقرها في العراق تدار منها عمليات التحالف العسكرية ضد تنظيم داعش. الإشارات التي صدرت عن الرئيس الأمريكي اوباما والرئيس الروسي بوتين، والرئيس الفرنسي اولاند وقيادات سياسية غربية أخرى، أجمعت على أنّ التدخل العسكري الروسي يستهدف ضرب تنظيم" الدولة الإسلامية " في سوريا، وما يفرضه ذلك من دعم الروس لسلطة بشار الأسد التي انحسرت عن أغلب جغرافية سوريا، ولم تتطرق أي من تلك الإشارات والتصريحات إلى أن التدخل العسكري الروسي سيشمل سماء وأرض العراق أيضا. وزارة الخارجية الروسية قالت الخميس إنها ستبحث أي طلب من حكومة العراق لشن ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق لكنها ذكرت أنها لم تتلق مثل هذا الطلب. ونقلت رويترز عن وزارة الخارجية قولها إنها سوف تقيّم الجدوى "السياسية والعسكرية" لمثل هذا التحرك إذا قدم العراق طلبا. ويرى الإعلامي والكاتب علي الأوسي الذي تحدث إلى DWمن بغداد أنّ روسيا من خلال هذا التدخل تحمي نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا لأن ذلك يحافظ على مصالحها في الشرق الأوسط حيث " أن لروسيا في سوريا قاعدة بحرية يتيمة وأخيرة في الشرق الأوسط وعلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط هي قاعدة طرطوس، ولو فقدت هذه القاعدة في طرطوس، كما يقول خبير استراتيجي أمريكي، فإن البحارة الروس - في أسطولهم - إذا احتاجوا إلى فرشاة أسنان فعليهم العودة إلى البحر الأسود للتزود بها". يذكر أن التدخل العسكري الروسي في منطقة الشرق الأوسط هو أول نشاط عسكري تمارسه القوات الروسية في المنطقة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991. ويجمع المراقبون أنّ روسيا التي ورثت الاتحاد السوفيتي، فقدت ولأكثر من ربع قرن نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري في الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وانفردت الولايات المتحدة الأمريكية في النفوذ في هذه المنطقة الساخنة منذ عقود. والعراق بالذات هو المثال الأكثر بروزا للنفوذ الأمريكي منذ عام 2003. ومع أن القوات الأمريكية انسحبت من العراق عام 2011، فإنّ مراكز القرار السياسي الأمريكي ما زالت تعتبر هذا البلد جزءا من مساحة نفوذها المباشر في الشرق الأوسط، وطيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ما برح منذ أكثر من عام ينفذ ضربات جوية في سماء العراق لمواقع تنظيم" الدولة الإسلامية" في الموصل والانبار وصلاح الدين، وبالتالي فإن انخراط العراق في تحالف عسكري تقوده روسيا حتى إذا تم جزئيا، فلن يكون مكرِّسا للحضور الروسي العسكري في العراق. إلى ذلك ذهب الدكتور أزاد بامرني، النائب السابق في البرلمان العراقي في حديثه لبرنامج العراق اليوم، لافتا الأنظار إلى أنّ واحدا من أسباب عودة روسيا عسكريا إلى المنطقة هو " ما حدث بعد أن استلم اوباما السلطة والذي مثل خيبة أمل كبيرة في السياسة الخارجية، حيث كانت سياسته فاشلة وغير واضحة المعالم، فخلق ذلك فراغا سياسيا وعسكريا كبيرا في الشرق الأوسط، (سبب في عودة الروس إلى المنطقة) ". ورغم أنّ العراق وسوريا يواجهان عدوا مشتركا يتمثل في تنظيم "داعش"، لكن جزئيات المشهد العراقي تفترق عن المشهد السوري، فتنظيم " الدولة الإسلامية" سيطر على المناطق السنية في العراق بشكل شبه مطلق وحرم الساسة السنة المشاركين في العملية السياسية من ناخبيهم، وجردهم من قاعدتهم الجماهيرية، ثم بدأ يمارس سلطته الإرهابية والقمعية على مناطقهم، ما يجعلهم ينخرطون في تنظيمات مسلحة تحاول محاربة التنظيم. من جانب آخر، فإنّ وجود إيران إلى جانب روسيا لدعم نظام بشار الأسد في سوريا، يجعل سنة العراق يرفضون إلى حد كبير أي تدخل روسي لضرب داعش. سيطر تنظيم " الدولة الإسلامية" مساء الخميس 21 مايو 2015 على آخر معبر للنظام السوري مع العراق، وذلك بعد انسحاب قوات النظام السوري من معبر الوليد الواقع على الحدود السورية، المعروف باسم "معبر التنف". ونفى الصحفي أحمد نعيم الطائي، أن يكون سنة العراق رافضين للدور الإيراني، بل أشار إلى أنّ وفدًا من شيوخ العشائر السنية زار إيران وتوصل إلى اتفاق معها بشان الحرب على داعش، أسوة بالاتفاق الذي توصل إليه الكرد مع تركيا بشان الحرب على داعش. وفي معرض شرحه للهجمات الجوية الروسية التي بدأت في سوريا أشار الطائي إلى أن اختيار التحالف لضرب قواعد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا جاء لأنها مقر للجماعات المسلحة الإرهابية، ومضى إلى القول التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة لا يريد القضاء على داعش، بل يسعى إلى تغيير الديموغرافيا السياسية للمنطقة وخاصة في الشام، وهو ما تعارضه سوريا وإيران وبعض الأطراف السياسية الفا