الوطن لا يرتدي عمائم ولا يرتدي غتراً من دون «عقال» ولا يرتدي «بشوتاً»، ولا يرتدي قبعات للمثقفين كتلك التي أرتديها في صورة المقال كي أوحي لك أنني مثقف كتوفيق الحكيم أو نجيب محفوظ، ولكن الوطن حاسر رأسه دائماً، وهو أجمل بتلك الصورة، فأرجوك لا تحاول أن تلبسه ما تشتهي، ولكن البس أنت ما تريد دون أن تفرض لباساً على وطنك كي لا نلبس جميعاً في «الطوفة». فلا نريد أن يتحول أفراد المجتمع من أناس تخاف على جيرانها إلى أناس تخاف منهم. فشمس الله تشرق على الجميع في الكويت، على السني والشيعي، فلا تحاول أن تلغي الآخر وتغير السنن الكونية من أجل أجندات دولية. في إحدى المدارس وضعت لوحة بيضاء ليكتب الطلاب فيها ما يثبت حبهم للوطن، فتحولت اللوحة لإثبات كراهيتهم لبعضهم بعضاً، فالتفرقة تبدأ من المدرسة وتنتهي في البرلمان، وعندما يكون البرلمان طائفياً فهو بذلك لن يصنع المستقبل الذي يهمنا، لأنه سيتفرغ لتصفية حسابات الماضي الذي لم نشارك فيه. فأرجوك عزيزي القارئ، إذا وجدت نار الطائفية مشتعلة بجانبك، فلا تتصل بالمطافئ، ولكن اتصل بأمن الدولة لأن خراطيمها أجود وأقوى من خراطيم المطافئ، وهي الجهة الوحيدة القادرة على إطفاء هذا النوع من الحرائق. وقد تستغرب وتتساءل متى تحول هذا الكاتب إلى مخبر، رغم أن التاريخ يقول إن المخبرين هم من يتحولون إلى كتاب؟ فاسمح لي أن أضرب بالتاريخ عرض الحائط لأن جغرافية المنطقة تحتاج أن يكون كل مواطن خفيراً، لأن هناك أناساً تحب الكويت حتى آخر قطرة دم وهناك أناس تحب الكويت حتى آخر قطرة نفط. فنحن نختلف مع الحكومة، ونختلف مع وزارة الداخلية، ونختلف مع وزارة الخارجية، ونختلف مع وزارات الإسكان والصحة والتربية، ولكن لا يمكننا أن نختلف مع الوطن. فالثقافة الكويتية ليست بلحية، كما أنها ليست بعمامة، ولكنها ثقافة تسامح قد ترتدي لحية وعمامة من باب الحب والاحتواء، ولكن عندما يصل الأمر إلى الوطن نفسه فسترفض الاثنين. **** قصة قصيرة: ذهب للطبيب يشتكي آلاما في صدره... بعد الفحص قال له الطبيب: «أنت لست مريضاً ولكنك مصاب بـ(الوطن) في صدرك... فحاول أن تأخذ مهدئات».