لا نستغرب أبداً أن تقوم إيران، بشتى الطرق، لتهريب الأسلحة إلى صالح والحوثي، لأن هذا البلد بني على أساس العنف لتبرير لون الشعار الأسود الذي تحمله إلى العالم، ولا نستغرب أن يتلون الخطاب الإيراني باتجاه العالم، حسب ما تقتضيه مصلحة النظام، وحسب ما تمليه ظروف المرحلة التي يمر بها العالم. والتصرف الإيراني يؤكد إصرار دولة التحالف العربي على مواجهة العدوان الحوثي على الشرعية، ولولا عاصفة الحزم، ولولا الحسم الخليجي لأصبح اليمن اليوم معزوفة إيرانية، كما تم فعله في العراق ولبنان وسوريا، فإيران تريد بحق أو باطل أن تثبت للعالم أنها دولة «كبرى» في المنطقة، مستندة بذلك على أوهام تاريخية عفى عليها الزمن، وأصبحت أحفورة من أحافير التاريخ، ولكن بعض الأنظمة كما بعض الأشخاص، لا يملكون الخلاص من عقد التاريخ ولا يستطيعون الخروج من هذا الجلباب العتيق، وبالتالي يظلون يرقصون داخل هذا الجلباب، ويعفرون التراب ويثيرون الغبار، ويزعجون ويقلقون، ويؤرقون ويرهقون، ولكن في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح، وما بني على باطل فهو باطل وعاطل، لا يقدم شيئاً سوى الأصفاد المتلاحقة، ولا ينال صاحب الأوهام إلى السراب، والخراب واليباب، وتظل الحقيقة ناصعة مهما حاول المرضى أن يلحفوها «بمنخل»، وهذا هو الشأن في اليمن اليوم، فالبواسل هناك يلقمون المنشقين على الشرعية، الويل والثبور، ويقتحمون عليهم الثغور، ويزيدون عليهم يوماً بعد يوم العذاب، ويكسرون أنياب المغرور، ومن نوى على اليمن الظلم والشرور. إيران تحاول، وستظل تحاول، لأن هذا هو مبدأها بأن تستولي على الحقائق، وأن تشوه المشهد العربي بما أمكنها من قوة، ولكن كل هذه المحاولات ستبوء بالفشل الذريع لأن الإرادة الخليجية أقوى من سيوف الادعاء، ولأن العزيمة الخليجية صلبة ولن تلين أمام المراوغات والخداع والأكاذيب، واليمن سيعود سعيداً مؤزراً بالنصر مطوقاً بالحب مقلداً بالحرية، ومهما فعلت إيران فلن تستطيع أن تغير من مجرى التاريخ، ولن تستطيع أن تحرك سد مأرب من مكانه لأنه بني على أرض عربية يمنية، وسيظل مهداً وسداً للشرفاء والنبلاء بعون الأشقاء.