عرض نقدي لفيلم "القمة القرمزية"

نيكولاس باربر

بي بي سي- يبدو فيلم "كريمسون بيِك" (أو القمة القرمزية) الذي تمتزج فيه الرومانسية بما يُعرف بطابع الرعب الغوطي، للمخرج غليرمو ديل تورو، عملا مبهرا وساحرا من الناحية البصرية.

 

فمن تلك الناحية، بدا العمل مأدبة حافلة بكل ما تشتهي الأعين، لكنه في ما خلا ذلك من جوانب ليس سوى وجبة خفيفة متواضعة لمشاهديه، كما يقول الناقد السينمائي نيكولاس باربر.

 

ربما كان بوسع المخرج غليرمو ديل تورو أن يوفر على نفسه الكثير من الوقت والعناء إذا ما استعاض عن إخراجه لفيلم "كريمسون بيِك" بإرسال تغريدة على موقع تويتر يقول فيها "إنني أهوى حقا أفلام الرعب الغوطي ذات الطراز الفيكتوري التي تُصوّر في منازل عتيقة تعربد فيها الأشباح".

 

ففيلمه الجديد، الذي كان يُفترض أن يكون هدية كل المحتفلين بعيد كل القديسين (الهالوين)، يمثل لفتة إجلال مفعمة بالحب لروايات وأعمال مثل "رِبيكا"، و"جين آير" و"توقعات عظيمة"، و"كاري أون سكرِمينغ". لكن يمكن القول إن "كريمسون بيِك" يعد بادرة إجلال لتلك الأعمال من منظور أنه كرر ما فعله صناعها من قبل، ولكن ليس بالجودة نفسها.

 

صحيح أن هناك أسرارا عائلية مخفية في غرف تكسوها خيوط العنكبوت. كما تحفل المؤثرات الصوتية المستخدمة بأصوات صرير الأبواب وعويل الرياح.

 

لكن ديل تورو لم يضفِ أي لمسة شخصية أو شيئا جديدا على ما تحويه الأفلام السينمائية التي أنتجت من قبل من هذه النوعية، باستثناء بعض المشاهد التي تظهر بجلاء دماءً سُفكت بفعل أعمال عنف على ما يبدو وبعض الخدع السينمائية المبتكرة بواسطة الكمبيوتر للأشباح التي ظهرت في الفيلم.

 

كما أن المخرج لم يسبغ على هذا العمل ذاك الجو الحزين والغريب الذي خيم على عمليّه المرعبيّن الناطقين باللغة الإسبانية: "ديفيلز باكبون" (العمود الفقري للشيطان) و"بانز لابرينث" (متاهة بان)؛ هذين الفيلمين المثيرين والمخيفين للغاية.

 

ويتسم فيلم "كريمسون بيِك" بالفخامة في الإنتاج، ولكنه يظل عملا خاويا من المضمون أشبه بخليط من أعمال أخرى متنوعة، إذ يمكن أن يحسبه المرء - خطأً - أنه ليس سوى جولة في معرض للرعب، أو فيلم من أفلام ديزني التي تروي إحدى حكايات الجنيات الخرافية، أو يظنه حتى أشبه بفيلم "ظلال قاتمة" للمخرج تيم بيرتون، ولكن دون الدعابات التي يحتوي عليها هذا العمل.

 

ويبدأ الفيلم أحداثه في مدينة بافالو بولاية نيويورك عام 1901. وتأخذ بطلة العمل، وتُدعى إديث كوشينغ (وتقوم بدورها الممثلة مِيا فاسيكوفسكا)، لقبها العائلي من لقب أحد كبار نجوم الأفلام التي انتجتها شركة "هامر". كما أن إديث، وهي الابنة العذراء لرجل صناعة أرمل، تطمح في أن تصبح روائية.

 

ولكن ربما لم يكن من المهم ذكر الطموح الأدبي لهذه الفتاة طالما أنه لم يكن له تأثير يذكر على مجريات الأحداث.

 

ويمكن قول الشيء نفسه بشأن هواية آلان؛ ذاك الشاب الأنيق والتقليدي في الوقت نفسه الذي يسعى لخطبة إديث (يقوم بدوره الممثل تشارلي هانام) وهي الهواية التي تتمثل في حبه لجمع صور فوتوغرافية للأشباح. فتلك الهواية قد ذُكرت مرة واحدة، ولم يرد ذكرها أو الإشارة إليها ثانيةً قط.

 

ويبدو من مجريات الأمور في الفيلم أن آلان وإديث في سبيلهما للاقتران العيش معا، لكن أفكار تلك الفتاة تتبدل مع وصول شخصيتين جديدتين قادمتين من انجلترا: رجل أنيق جذاب يُدعى السير توماس شارب (ويقوم بدوره الممثل توم هيدلستون) وشقيقته التي لا تكف عن السخرية ممن حولها لوسيل (جيسكا تشاستاين، والتي لا تبدو لكنتها الانجليزية أفضل كثيرا من اللكنة الأمريكية التي يتحدث بها الممثل تشارلي هانام).

 

ويشك والد إديث في أن هذين الزائرين الارستقراطيين يرتكبان أفعالا شريرة. ويعود ذلك جزئيا إلى تلك الصراحة المفرطة التي يتحدث بها السير توماس عن حاجته الماسة للمال، كما يُعزى كذلك إلى أن شقيقته لوسيل تتخذ لنفسها سمة أقرب إلى سمة شخصية "كورويلا دي فيل"، تلك الشخصية الشريرة التي ظهرت في فيلم أنتجته شركة ديزني في خمسينيات القرن الماضي.

في واقع الأمر، كان من شأن الوضوح الشديد للمؤشرات التي تفيد بأن الشقيقين ما هما إلا وغدان؛ جعل المرء يميل للافتراض بأن الأمر كله ما هو إلا خدعة. بالتأكيد، هكذا يحسب المشاهد، سيتضح في نهاية المطاف أن الشقيقين هما شخصان صالحان أُسيء فهمهما ليس إلا.

 

لكن ليس الأمر كذلك، فذلك الفيلم يمثل نموذجا نادرا لأفلام الغموض، التي يكون فيها جوهر كل شخصية مماثلا تماما لمظهرها، بل ويتضح من خلال أحداثها أن الشكوك الأولية التي يُكِنُها المرء حيال الآخرين صحيحة دون ريب في نهاية المطاف.

 

لكن إديث كانت ساذجة بما يكفي لكي ينطلي عليها الخداع. فعندما يقضي والدها نحبه فجأة (تُضرب جبهته مرارا وتكرارا في جدار حوض للغسيل، ولكن السلطات تخلص – للمفارقة - إلى أن الوفاة ناجمة عن حادث)، تقترن هي بالسير توماس وتنتقل للحياة معه ومع لوسيل في قصرهما المتداعي القابع في أعماق الريف الإنجليزي.

عرض نقدي لفيلم "القمة القرمزية"

 

نيكولاس باربر

بي بي سي- يبدو فيلم "كريمسون بيِك" (أو القمة القرمزية) الذي تمتزج فيه الرومانسية بما يُعرف بطابع الرعب الغوطي، للمخرج غليرمو ديل تورو، عملا مبهرا وساحرا من الناحية البصرية.

 

فمن تلك الناحية، بدا العمل مأدبة حافلة بكل ما تشتهي الأعين، لكنه في ما خلا ذلك من جوانب ليس سوى وجبة خفيفة متواضعة لمشاهديه، كما يقول الناقد السينمائي نيكولاس باربر.

 

ربما كان بوسع المخرج غليرمو ديل تورو أن يوفر على نفسه الكثير من الوقت والعناء إذا ما استعاض عن إخراجه لفيلم "كريمسون بيِك" بإرسال تغريدة على موقع تويتر يقول فيها "إنني أهوى حقا أفلام الرعب الغوطي ذات الطراز الفيكتوري التي تُصوّر في منازل عتيقة تعربد فيها الأشباح".

 

ففيلمه الجديد، الذي كان يُفترض أن يكون هدية كل المحتفلين بعيد كل القديسين (الهالوين)، يمثل لفتة إجلال مفعمة بالحب لروايات وأعمال مثل "رِبيكا"، و"جين آير" و"توقعات عظيمة"، و"كاري أون سكرِمينغ". لكن يمكن القول إن "كريمسون بيِك" يعد بادرة إجلال لتلك الأعمال من منظور أنه كرر ما فعله صناعها من قبل، ولكن ليس بالجودة نفسها.

 

صحيح أن هناك أسرارا عائلية مخفية في غرف تكسوها خيوط العنكبوت. كما تحفل المؤثرات الصوتية المستخدمة بأصوات صرير الأبواب وعويل الرياح.

 

لكن ديل تورو لم يضفِ أي لمسة شخصية أو شيئا جديدا على ما تحويه الأفلام السينمائية التي أنتجت من قبل من هذه النوعية، باستثناء بعض المشاهد التي تظهر بجلاء دماءً سُفكت بفعل أعمال عنف على ما يبدو وبعض الخدع السينمائية المبتكرة بواسطة الكمبيوتر للأشباح التي ظهرت في الفيلم.

 

كما أن المخرج لم يسبغ على هذا العمل ذاك الجو الحزين والغريب الذي خيم على عمليّه المرعبيّن الناطقين باللغة الإسبانية: "ديفيلز باكبون" (العمود الفقري للشيطان) و"بانز لابرينث" (متاهة بان)؛ هذين الفيلمين المثيرين والمخيفين للغاية.

 

ويتسم فيلم "كريمسون بيِك" بالفخامة في الإنتاج، ولكنه يظل عملا خاويا من المضمون أشبه بخليط من أعمال أخرى متنوعة، إذ يمكن أن يحسبه المرء - خطأً - أنه ليس سوى جولة في معرض للرعب، أو فيلم من أفلام ديزني التي تروي إحدى حكايات الجنيات الخرافية، أو يظنه حتى أشبه بفيلم "ظلال قاتمة" للمخرج تيم بيرتون، ولكن دون الدعابات التي يحتوي عليها هذا العمل.

 

ويبدأ الفيلم أحداثه في مدينة بافالو بولاية نيويورك عام 1901. وتأخذ بطلة العمل، وتُدعى إديث كوشينغ (وتقوم بدورها الممثلة مِيا فاسيكوفسكا)، لقبها العائلي من لقب أحد كبار نجوم الأفلام التي انتجتها شركة "هامر". كما أن إديث، وهي الابنة العذراء لرجل صناعة أرمل، تطمح في أن تصبح روائية.

 

ولكن ربما لم يكن من المهم ذكر الطموح الأدبي لهذه الفتاة طالما أنه لم يكن له تأثير يذكر على مجريات الأحداث.

 

ويمكن قول الشيء نفسه بشأن هواية آلان؛ ذاك الشاب الأنيق والتقليدي في الوقت نفسه الذي يسعى لخطبة إديث (يقوم بدوره الممثل تشارلي هانام) وهي الهواية التي تتمثل في حبه لجمع صور فوتوغرافية للأشباح. فتلك الهواية قد ذُكرت مرة واحدة، ولم يرد ذكرها أو الإشارة إليها ثانيةً قط.

 

ويبدو من مجريات الأمور في الفيلم أن آلان وإديث في سبيلهما للاقتران العيش معا، لكن أفكار تلك الفتاة تتبدل مع وصول شخصيتين جديدتين قادمتين من انجلترا: رجل أنيق جذاب يُدعى السير توماس شارب (ويقوم بدوره الممثل توم هيدلستون) وشقيقته التي لا تكف عن السخرية ممن حولها لوسيل (جيسكا تشاستاين، والتي لا تبدو لكنتها الانجليزية أفضل كثيرا من اللكنة الأمريكية التي يتحدث بها الممثل تشارلي هانام).

 

ويشك والد إديث في أن هذين الزائرين الارستقراطيين يرتكبان أفعالا شريرة. ويعود ذلك جزئيا إلى تلك الصراحة المفرطة التي يتحدث بها السير توماس عن حاجته الماسة للمال، كما يُعزى كذلك إلى أن شقيقته لوسيل تتخذ لنفسها سمة أقرب إلى سمة شخصية "كورويلا دي فيل"، تلك الشخصية الشريرة التي ظهرت في فيلم أنتجته شركة ديزني في خمسينيات القرن الماضي.

في واقع الأمر، كان من شأن الوضوح الشديد للمؤشرات التي تفيد بأن الشقيقين ما هما إلا وغدان؛ جعل المرء يميل للافتراض بأن الأمر كله ما هو إلا خدعة. بالتأكيد، هكذا يحسب المشاهد، سيتضح في نهاية المطاف أن الشقيقين هما شخصان صالحان أُسيء فهمهما ليس إلا.

 

لكن ليس الأمر كذلك، فذلك الفيلم يمثل نموذجا نادرا لأفلام الغموض، التي يكون فيها جوهر كل شخصية مماثلا تماما لمظهرها، بل ويتضح من خلال أحداثها أن الشكوك الأولية التي يُكِنُها المرء حيال الآخرين صحيحة دون ريب في نهاية المطاف.

 

لكن إديث كانت ساذجة بما يكفي لكي ينطلي عليها الخداع. فعندما يقضي والدها نحبه فجأة (تُضرب جبهته مرارا وتكرارا في جدار حوض للغسيل، ولكن السلطات تخلص – للمفارقة - إلى أن الوفاة ناجمة عن حادث)، تقترن هي بالسير توماس وتنتقل للحياة معه ومع لوسيل في قصرهما المتداعي القابع في أعماق الريف الإنجليزي.عرض نقدي لفيلم "القمة القرمزية"

 

نيكولاس باربر

بي بي سي- يبدو فيلم "كريمسون بيِك" (أو القمة القرمزية) الذي تمتزج فيه الرومانسية بما يُعرف بطابع الرعب الغوطي، للمخرج غليرمو ديل تورو، عملا مبهرا وساحرا من الناحية البصرية.

 

فمن تلك الناحية، بدا العمل مأدبة حافلة بكل ما تشتهي الأعين، لكنه في ما خلا ذلك من جوانب ليس سوى وجبة خفيفة متواضعة لمشاهديه، كما يقول الناقد السينمائي نيكولاس باربر.

 

ربما كان بوسع المخرج غليرمو ديل تورو أن يوفر على نفسه الكثير من الوقت والعناء إذا ما استعاض عن إخراجه لفيلم "كريمسون بيِك" بإرسال تغريدة على موقع تويتر يقول فيها "إنني أهوى حقا أفلام الرعب الغوطي ذات الطراز الفيكتوري التي تُصوّر في منازل عتيقة تعربد فيها الأشباح".

 

ففيلمه الجديد، الذي كان يُفترض أن يكون هدية كل المحتفلين بعيد كل القديسين (الهالوين)، يمثل لفتة إجلال مفعمة بالحب لروايات وأعمال مثل "رِبيكا"، و"جين آير" و"توقعات عظيمة"، و"كاري أون سكرِمينغ". لكن يمكن القول إن "كريمسون بيِك" يعد بادرة إجلال لتلك الأعمال من منظور أنه كرر ما فعله صناعها من قبل، ولكن ليس بالجودة نفسها.

 

صحيح أن هناك أسرارا عائلية مخفية في غرف تكسوها خيوط العنكبوت. كما تحفل المؤثرات الصوتية المستخدمة بأصوات صرير الأبواب وعويل الرياح.

 

لكن ديل تورو لم يضفِ أي لمسة شخصية أو شيئا جديدا على ما تحويه الأفلام السينمائية التي أنتجت من قبل من هذه النوعية، باستثناء بعض المشاهد التي تظهر بجلاء دماءً سُفكت بفعل أعمال عنف على ما يبدو وبعض الخدع السينمائية المبتكرة بواسطة الكمبيوتر للأشباح التي ظهرت في الفيلم.

 

كما أن المخرج لم يسبغ على هذا العمل ذاك الجو الحزين والغريب الذي خيم على عمليّه المرعبيّن الناطقين باللغة الإسبانية: "ديفيلز باكبون" (العمود الفقري للشيطان) و"بانز لابرينث" (متاهة بان)؛ هذين الفيلمين المثيرين والمخيفين للغاية.

 

ويتسم فيلم "كريمسون بيِك" بالفخامة في الإنتاج، ولكنه يظل عملا خاويا من المضمون أشبه بخليط من أعمال أخرى متنوعة، إذ يمكن أن يحسبه المرء - خطأً - أنه ليس سوى جولة في معرض للرعب، أو فيلم من أفلام ديزني التي تروي إحدى حكايات الجنيات الخرافية، أو يظنه حتى أشبه بفيلم "ظلال قاتمة" للمخرج تيم بيرتون، ولكن دون الدعابات التي يحتوي عليها هذا العمل.

 

ويبدأ الفيلم أحداثه في مدينة بافالو بولاية نيويورك عام 1901. وتأخذ بطلة العمل، وتُدعى إديث كوشينغ (وتقوم بدورها الممثلة مِيا فاسيكوفسكا)، لقبها العائلي من لقب أحد كبار نجوم الأفلام التي انتجتها شركة "هامر". كما أن إديث، وهي الابنة العذراء لرجل صناعة أرمل، تطمح في أن تصبح روائية.

 

ولكن ربما لم يكن من المهم ذكر الطموح الأدبي لهذه الفتاة طالما أنه لم يكن له تأثير يذكر على مجريات الأحداث.

 

ويمكن قول الشيء نفسه بشأن هواية آلان؛ ذاك الشاب الأنيق والتقليدي في الوقت نفسه الذي يسعى لخطبة إديث (يقوم بدوره الممثل تشارلي هانام) وهي الهواية التي تتمثل في حبه لجمع صور فوتوغرافية للأشباح. فتلك الهواية قد ذُكرت مرة واحدة، ولم يرد ذكرها أو الإشارة إليها ثانيةً قط.

 

ويبدو من مجريات الأمور في الفيلم أن آلان وإديث في سبيلهما للاقتران العيش معا، لكن أفكار تلك الفتاة تتبدل مع وصول شخصيتين جديدتين قادمتين من انجلترا: رجل أنيق جذاب يُدعى السير توماس شارب (ويقوم بدوره الممثل توم هيدلستون) وشقيقته التي لا تكف عن السخرية ممن حولها لوسيل (جيسكا تشاستاين، والتي لا تبدو لكنتها الانجليزية أفضل كثيرا من اللكنة الأمريكية التي يتحدث بها الممثل تشارلي هانام).

 

ويشك والد إديث في أن هذين الزائرين الارستقراطيين يرتكبان أفعالا شريرة. ويعود ذلك جزئيا إلى تلك الصراحة المفرطة التي يتحدث بها السير توماس عن حاجته الماسة للمال، كما يُعزى كذلك إلى أن شقيقته لوسيل تتخذ لنفسها سمة أقرب إلى سمة شخصية "كورويلا دي فيل"، تلك الشخصية الشريرة التي ظهرت في فيلم أنتجته شركة ديزني في خمسينيات القرن الماضي.

في واقع الأمر، كان من شأن الوضوح الشديد للمؤشرات التي تفيد بأن الشقيقين ما هما إلا وغدان؛ جعل المرء يميل للافتراض بأن الأمر كله ما هو إلا خدعة. بالتأكيد، هكذا يحسب المشاهد، سيتضح في نهاية المطاف أن الشقيقين هما شخصان صالحان أُسيء فهمهما ليس إلا.

 

لكن ليس الأمر كذلك، فذلك الفيلم يمثل نموذجا نادرا لأفلام الغموض، التي يكون فيها جوهر كل شخصية مماثلا تماما لمظهرها، بل ويتضح من خلال أحداثها أن الشكوك الأولية التي يُكِنُها المرء حيال الآخرين صحيحة دون ريب في نهاية المطاف.

 

لكن إديث كانت ساذجة بما يكفي لكي ينطلي عليها الخداع. فعندما يقضي والدها نحبه فجأة (تُضرب جبهته مرارا وتكرارا في جدار حوض للغسيل، ولكن السلطات تخلص – للمفارقة - إلى أن الوفاة ناجمة عن حادث)، تقترن هي بالسير توماس وتنتقل للحياة معه ومع لوسيل في قصرهما المتداعي القابع في أعماق الريف الإنجليزي.عرض نقدي لفيلم "القمة القرمزية"

 

نيكولاس باربر

بي بي سي- يبدو فيلم "كريمسون بيِك" (أو القمة القرمزية) الذي تمتزج فيه الرومانسية بما يُعرف بطابع الرعب الغوطي، للمخرج غليرمو ديل تورو، عملا مبهرا وساحرا من الناحية البصرية.

 

فمن تلك الناحية، بدا العمل مأدبة حافلة بكل ما تشتهي الأعين، لكنه في ما خلا ذلك من جوانب ليس سوى وجبة خفيفة متواضعة لمشاهديه، كما يقول الناقد السينمائي نيكولاس باربر.

 

ربما كان بوسع المخرج غليرمو ديل تورو أن يوفر على نفسه الكثير من الوقت والعناء إذا ما استعاض عن إخراجه لفيلم "كريمسون بيِك" بإرسال تغريدة على موقع تويتر يقول فيها "إنني أهوى حقا أفلام الرعب الغوطي ذات الطراز الفيكتوري التي تُصوّر في منازل عتيقة تعربد فيها الأشباح".

 

ففيلمه الجديد، الذي كان يُفترض أن يكون هدية كل المحتفلين بعيد كل القديسين (الهالوين)، يمثل لفتة إجلال مفعمة بالحب لروايات وأعمال مثل "رِبيكا"، و"جين آير" و"توقعات عظيمة"، و"كاري أون سكرِمينغ". لكن يمكن القول إن "كريمسون بيِك" يعد بادرة إجلال لتلك الأعمال من منظور أنه كرر ما فعله صناعها من قبل، ولكن ليس بالجودة نفسها.

 

صحيح أن هناك أسرارا عائلية مخفية في غرف تكسوها خيوط العنكبوت. كما تحفل المؤثرات الصوتية المستخدمة بأصوات صرير الأبواب وعويل الرياح.

 

لكن ديل تورو لم يضفِ أي لمسة شخصية أو شيئا جديدا على ما تحويه الأفلام السينمائية التي أنتجت من قبل من هذه النوعية، باستثناء بعض المشاهد التي تظهر بجلاء دماءً سُفكت بفعل أعمال عنف على ما يبدو وبعض الخدع السينمائية المبتكرة بواسطة الكمبيوتر للأشباح التي ظهرت في الفيلم.

 

كما أن المخرج لم يسبغ على هذا العمل ذاك الجو الحزين والغريب الذي خيم على عمليّه المرعبيّن الناطقين باللغة الإسبانية: "ديفيلز باكبون" (العمود الفقري للشيطان) و"بانز لابرينث" (متاهة بان)؛ هذين الفيلمين المثيرين والمخيفين للغاية.

 

ويتسم فيلم "كريمسون بيِك" بالفخامة في الإنتاج، ولكنه يظل عملا خاويا من المضمون أشبه بخليط من أعمال أخرى متنوعة، إذ يمكن أن يحسبه المرء - خطأً - أنه ليس سوى جولة في معرض للرعب، أو فيلم من أفلام ديزني التي تروي إحدى حكايات الجنيات الخرافية، أو يظنه حتى أشبه بفيلم "ظلال قاتمة" للمخرج تيم بيرتون، ولكن دون الدعابات التي يحتوي عليها هذا العمل.

 

ويبدأ الفيلم أحداثه في مدينة بافالو بولاية نيويورك عام 1901. وتأخذ بطلة العمل، وتُدعى إديث كوشينغ (وتقوم بدورها الممثلة مِيا فاسيكوفسكا)، لقبها العائلي من لقب أحد كبار نجوم الأفلام التي انتجتها شركة "هامر". كما أن إديث، وهي الابنة العذراء لرجل صناعة أرمل، تطمح في أن تصبح روائية.

 

ولكن ربما لم يكن من المهم ذكر الطموح الأدبي لهذه الفتاة طالما أنه لم يكن له تأثير يذكر على مجريات الأحداث.

 

ويمكن قول الشيء نفسه بشأن هواية آلان؛ ذاك الشاب الأنيق والتقليدي في الوقت نفسه الذي يسعى لخطبة إديث (يقوم بدوره الممثل تشارلي هانام) وهي الهواية التي تتمثل في حبه لجمع صور فوتوغرافية للأشباح. فتلك الهواية قد ذُكرت مرة واحدة، ولم يرد ذكرها أو الإشارة إليها ثانيةً قط.

 

ويبدو من مجريات الأمور في الفيلم أن آلان وإديث في سبيلهما للاقتران العيش معا، لكن أفكار تلك الفتاة تتبدل مع وصول شخصيتين جديدتين قادمتين من انجلترا: رجل أنيق جذاب يُدعى السير توماس شارب (ويقوم بدوره الممثل توم هيدلستون) وشقيقته التي لا تكف عن السخرية ممن حولها لوسيل (جيسكا تشاستاين، والتي لا تبدو لكنتها الانجليزية أفضل كثيرا من اللكنة الأمريكية التي يتحدث بها الممثل تشارلي هانام).

 

ويشك والد إديث في أن هذين الزائرين الارستقراطيين يرتكبان أفعالا شريرة. ويعود ذلك جزئيا إلى تلك الصراحة المفرطة التي يتحدث بها السير توماس عن حاجته الماسة للمال، كما يُعزى كذلك إلى أن شقيقته لوسيل تتخذ لنفسها سمة أقرب إلى سمة شخصية "كورويلا دي فيل"، تلك الشخصية الشريرة التي ظهرت في فيلم أنتجته شركة ديزني في خمسينيات القرن الماضي.

في واقع الأمر، كان من شأن الوضوح الشديد للمؤشرات التي تفيد بأن الشقيقين ما هما إلا وغدان؛ جعل المرء يميل للافتراض بأن الأمر كله ما هو إلا خدعة. بالتأكيد، هكذا يحسب المشاهد، سيتضح في نهاية المطاف أن الشقيقين هما شخصان صالحان أُسيء فهمهما ليس إلا.

 

لكن ليس الأمر كذلك، فذلك الفيلم يمثل نموذجا نادرا لأفلام الغموض، التي يكون فيها جوهر كل شخصية مماثلا تماما لمظهرها، بل ويتضح من خلال أحداثها أن الشكوك الأولية التي يُكِنُها المرء حيال الآخرين صحيحة دون ريب في نهاية المطاف.

 

لكن إديث كانت ساذجة بما يكفي لكي ينطلي عليها الخداع. فعندما يقضي والدها نحبه فجأة (تُضرب جبهته مرارا وتكرارا في جدار حوض للغسيل، ولكن السلطات تخلص – للمفارقة - إلى أن الوفاة ناجمة عن حادث)، تقترن هي بالسير توماس وتنتقل للحياة معه ومع لوسيل في قصرهما المتداعي القابع في أعماق الريف الإنجليزي.

عرض نقدي لفيلم "القمة القرمزية"

 

نيكولاس باربر

بي بي سي- يبدو فيلم "كريمسون بيِك" (أو القمة القرمزية) الذي تمتزج فيه الرومانسية بما يُعرف بطابع الرعب الغوطي، للمخرج غليرمو ديل تورو، عملا مبهرا وساحرا من الناحية البصرية.

 

فمن تلك الناحية، بدا العمل مأدبة حافلة بكل ما تشتهي الأعين، لكنه في ما خلا ذلك من جوانب ليس سوى وجبة خفيفة متواضعة لمشاهديه، كما يقول الناقد السينمائي نيكولاس باربر.

 

ربما كان بوسع المخرج غليرمو ديل تورو أن يوفر على نفسه الكثير من الوقت والعناء إذا ما استعاض عن إخراجه لفيلم "كريمسون بيِك" بإرسال تغريدة على موقع تويتر يقول فيها "إنني أهوى حقا أفلام الرعب الغوطي ذات الطراز الفيكتوري التي تُصوّر في منازل عتيقة تعربد فيها الأشباح".

 

ففيلمه الجديد، الذي كان يُفترض أن يكون هدية كل المحتفلين بعيد كل القديسين (الهالوين)، يمثل لفتة إجلال مفعمة بالحب لروايات وأعمال مثل "رِبيكا"، و"جين آير" و"توقعات عظيمة"، و"كاري أون سكرِمينغ". لكن يمكن القول إن "كريمسون بيِك" يعد بادرة إجلال لتلك الأعمال من منظور أنه كرر ما فعله صناعها من قبل، ولكن ليس بالجودة نفسها.

 

صحيح أن هناك أسرارا عائلية مخفية في غرف تكسوها خيوط العنكبوت. كما تحفل المؤثرات الصوتية المستخدمة بأصوات صرير الأبواب وعويل الرياح.

 

لكن ديل تورو لم يضفِ أي لمسة شخصية أو شيئا جديدا على ما تحويه الأفلام السينمائية التي أنتجت من قبل من هذه النوعية، باستثناء بعض المشاهد التي تظهر بجلاء دماءً سُفكت بفعل أعمال عنف على ما يبدو وبعض الخدع السينمائية المبتكرة بواسطة الكمبيوتر للأشباح التي ظهرت في الفيلم.

 

كما أن المخرج لم يسبغ على هذا العمل ذاك الجو الحزين والغريب الذي خيم على عمليّه المرعبيّن الناطقين باللغة الإسبانية: "ديفيلز باكبون" (العمود الفقري للشيطان) و"بانز لابرينث" (متاهة بان)؛ هذين الفيلمين المثيرين والمخيفين للغاية.

 

ويتسم فيلم "كريمسون بيِك" بالفخامة في الإنتاج، ولكنه يظل عملا خاويا من المضمون أشبه بخليط من أعمال أخرى متنوعة، إذ يمكن أن يحسبه المرء - خطأً - أنه ليس سوى جولة في معرض للرعب، أو فيلم من أفلام ديزني التي تروي إحدى حكايات الجنيات الخرافية، أو يظنه حتى أشبه بفيلم "ظلال قاتمة" للمخرج تيم بيرتون، ولكن دون الدعابات التي يحتوي عليها هذا العمل.

 

ويبدأ الفيلم أحداثه في مدينة بافالو بولاية نيويورك عام 1901. وتأخذ بطلة العمل، وتُدعى إديث كوشينغ (وتقوم بدورها الممثلة مِيا فاسيكوفسكا)، لقبها العائلي من لقب أحد كبار نجوم الأفلام التي انتجتها شركة "هامر". كما أن إديث، وهي الابنة العذراء لرجل صناعة أرمل، تطمح في أن تصبح روائية.

 

ولكن ربما لم يكن من المهم ذكر الطموح الأدبي لهذه الفتاة طالما أنه لم يكن له تأثير يذكر على مجريات الأحداث.

 

ويمكن قول الشيء نفسه بشأن هواية آلان؛ ذاك الشاب الأنيق والتقليدي في الوقت نفسه الذي يسعى لخطبة إديث (يقوم بدوره الممثل تشارلي هانام) وهي الهواية التي تتمثل في حبه لجمع صور فوتوغرافية للأشباح. فتلك الهواية قد ذُكرت مرة واحدة، ولم يرد ذكرها أو الإشارة إليها ثانيةً قط.

 

ويبدو من مجريات الأمور في الفيلم أن آلان وإديث في سبيلهما للاقتران العيش معا، لكن أفكار تلك الفتاة تتبدل مع وصول شخصيتين جديدتين قادمتين من انجلترا: رجل أنيق جذاب يُدعى السير توماس شارب (ويقوم بدوره الممثل توم هيدلستون) وشقيقته التي لا تكف عن السخرية ممن حولها لوسيل (جيسكا تشاستاين، والتي لا تبدو لكنتها الانجليزية أفضل كثيرا من اللكنة الأمريكية التي يتحدث بها الممثل تشارلي هانام).

 

ويشك والد إديث في أن هذين الزائرين الارستقراطيين يرتكبان أفعالا شريرة. ويعود ذلك جزئيا إلى تلك الصراحة المفرطة التي يتحدث بها السير توماس عن حاجته الماسة للمال، كما يُعزى كذلك إلى أن شقيقته لوسيل تتخذ لنفسها سمة أقرب إلى سمة شخصية "كورويلا دي فيل"، تلك الشخصية الشريرة التي ظهرت في فيلم أنتجته شركة ديزني في خمسينيات القرن الماضي.

في واقع الأمر، كان من شأن الوضوح الشديد للمؤشرات التي تفيد بأن الشقيقين ما هما إلا وغدان؛ جعل المرء يميل للافتراض بأن الأمر كله ما هو إلا خدعة. بالتأكيد، هكذا يحسب المشاهد، سيتضح في نهاية المطاف أن الشقيقين هما شخصان صالحان أُسيء فهمهما ليس إلا.

 

لكن ليس الأمر كذلك، فذلك الفيلم يمثل نموذجا نادرا لأفلام الغموض، التي يكون فيها جوهر كل شخصية مماثلا تماما لمظهرها، بل ويتضح من خلال أحداثها أن الشكوك الأولية التي يُكِنُها المرء حيال الآخرين صحيحة دون ريب في نهاية المطاف.

 

لكن إديث كانت ساذجة بما يكفي لكي ينطلي عليها الخداع. فعندما يقضي والدها نحبه فجأة (تُضرب جبهته مرارا وتكرارا في جدار حوض للغسيل، ولكن السلطات تخلص – للمفارقة - إلى أن الوفاة ناجمة عن حادث)، تقترن هي بالسير توماس وتنتقل للحياة معه ومع لوسيل في قصرهما المتداعي القابع في أعماق الريف الإنجليزي.عرض نقدي لفيلم "القمة القرمزية"

 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه