حينما يستغل خصمك لحظة صمت منك لانشغالك بأمر طارئ، فيشرع في الثرثرة، ونسج الدعاية المضللة، فلا تلمه، فهذا هو ما يحسنه، ولأن هذا ما يفعله الخصم. اللوم ينصب على من هو في جانبك، يفترض أنه يفهمك، ويقدر عمق علاقتك به وتشابك المصالح والمصير، ومع هذا كله تجده يسارع في تصديق ما صنعته ماكينة الخصم الدعائية، ويركض في وديان الفتنة. يقال هذا بمناسبة هرولة بعض الإعلام المصري «الخاص» دون مسوّغ ولا برهان، في ترديد دعايات الإخوان ومن يدور في فلكهم، حول انهيار العلاقة بين مصر ومجموعة الخليج، وفي المقدمة السعودية. دعاية الغرض منها واضح، وهو تشتيت الانتباه، نشر الشائعات والأراجيف، لإضعاف العزيمة، وبث القلق، من أجل تفريق القبضة المتحدة في محاربة الجماعات الإرهابية، التي تقتضي بالضرورة مواجهة جماعة الإخوان. إن مصر تحارب أخطر تنظيم سري في العالم، كما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقد صدق. كيف انطلت حيلة الإعلام الإخواني على صحافيين مصريين يقدمون أنفسهم بوصفهم أهل خبرة في معرفة تاريخ هؤلاء؟ لقد فرح المرجفون لتفاعل بعض هؤلاء المذيعين، بنزق، مع هذه الدعايات، وتوجيه اللوم للسعودية على تخليها عن مصر؟! من قال ذلك؟! معنى هذا أن الجهبذ المذيع انطلت عليه الحيلة، وانطلق منها، وبنى عليها أهراما من الكلمات، بالعذر من نزار قباني. أصحاب الشأن كرروا بصيغ مختلفة، وفي أيام متقاربة، القول بعمق العلاقة بل وضرورة الذهاب بها أبعد مما هي عليه، وكان شيخ الأزهر قال في مؤتمر مكة قبل أيام إن الإعلام الفاسد يريد الوقيعة بين دول الخليج ومصر، وقبله تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مرارا عن وقوف السعودية إلى جانب مصر، وقد أكد ذلك الرئيس السيسي، وكرره، وقدم شكره للملك سلمان والسعودية، كما لدولة الإمارات، والكويت والبحرين، ومملكة الأردن. يلام بعض الإعلاميين والكتّاب المصريين على المسارعة لتصديق دعاية الإخوان، ومن ثم إبداء الحسرات، وسكب العبرات، لأنهم بهذا السلوك يسهمون في تضخيم هذه الدعاية ومنحها زخما وأفقا جديدا. يعزز من مقولة الدعاية الإخوانية بأن الحليف الحقيقي لدول الخليج في مصر هو «الجماعة» وليس ثلة اليسار والقوميين من «النخب» المصرية. أعرف أن هؤلاء المصدقين قلة في المشهد الإعلامي المصري، لكنها قلة مؤثرة، وربما كانت الحاجة ماسة لملتقى إعلامي مصري - خليجي، على غرار مجموعة الاتصال الدولي لمحاربة الإرهاب، الذي اقترحته الإمارات مؤخرا. بالمناسبة، نورد هذا الخبر لبعض الإعلاميين المصريين الذين استخفتهم الأراجيف. التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأربعاء الماضي، وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في باريس، وتشاور الطرفان حول قضايا الإقليم، وتعزيز العلاقات، كما بحثا مؤتمر دعم الاقتصاد المصري المقرر عقده بشرم الشيخ منتصف مارس (آذار)، والاستعدادات للقمة العربية بالقاهرة، وأكد الفيصل دعم المملكة الكامل لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وإنجاحه. «فيه إيه يا خوانا»؟! *نقلاً عن "الشرق الأوسط"