أبدأ بما قاله جيمس هندرسون من جامعة أوكسفورد:
منذ قرار أوبك الذي قادته السعودية في نوفمبر ٢٠١٤م، كانت بداية عصر جديد في إقتصاديات النفط. جيمس يقصد قيام أوبك والسعودية تحديداً بالتخلي عن سياسة ضبط النفس في الإنتاج اليومي، فانهارت أسعار النفط في اليوم الذي يليه من ١١٥ دولاراً وصولاً لحاجز ٢٧ دولاراً للبرميل بسبب زيادة الإنتاج فوق حاجة السوق العالمية. وضعٌ يضع موسكو في خانة ضيقة، خاصةً مع زيادة استهلاك الإحتياطي النقدي الخاص بها والذي يُعتقد أن يتم استنزافه ببداية العام ٢٠١٧م. ويأتي ذلك كون النفط يمثل أكثر من نصف ناتجها الوطني، واقتراب الأسعار من مستوى لا يحقق ربحاً كافٍ، إضافةً لانهيار عملة الروبل.
على الطرف المقابل "مملكة النفط" السعودية تبدوا بحالٍ ليس ببعيد عما تواجهه روسيا، فاضطرت السعودية لرفع دعمها الحكومي عن عدة منتجات وإيقاف دعم أسعار الطقة. إلا أنها وعلى الرغم من وصول عجزها المالي الـ١٠٠ مليار ريال، إلا أن المملكة ذات الإحتياطي النقدي الأضخم بالعالم (٢ تريليون و ٢٥٠ مليار ريال) تبدوا مستقرةً أكثر، وقادرة على حبس أنفاسها مدةً أطول تحت الماء في سباق إفلاس المنافسين، والحرب على الحصة السوقية النفطية العالمية. فقد قامت السعودية خلال السنوات العشر الماضية في عهد الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بالإستفادة من ارتفاع أسعار النفط، وتسديد جزء كبير من الدين العام الذي انخفض ١٠ أضعاف، إضافةً لزيادة احتياطاتها المالية التي تقوم بالإستفادة منها اليوم.
روسيا تسعى للدخول بقوة في سوق النفط الصيني، ونجحت في تجريد لقب المورد الأضخم للصين من السعودية بعد تقارب حصصهما هناك في تهديد خطر لحصة السعودية. خطوة تستفز السعودية بكل تأكيد والتي أشارت تقارير إلى سعي المملكة لامتلاك مصافٍ نفطية في الصين. فبمال السعودية، تمتلك المصافي هناك وتبيعه من هناك أيضاً. وهي خطوة أسهل للقيام بها عملياً بدلاً من القيام ببيع النفط السعودي بالعملة الصينية والذي سيشكل إغراءًا أكثر للصينيين. ولو كبرنا الصورة، نجد إيران التي بدأت فعلياً بمضاعفة إنتاجها بعد رفع العقوبات، مما يعني مزيد من العرض، وإغراق السوق بالمعروض، وانهيار للأسعار.
خطوةٌ تضر السعودية، إلا أنها تستنزف احتياطيات الدب الروسي. الحرب النفطية مستمرة بين عملاقي النفط، ولا يبدوا أنها ستنتهي إلا باستسلام أحدهما.