يبدو أن نهاية الصراع والخلاف السعودي الايراني ليست بقريبة ذلك ما تؤكده عديد المؤشرات خاصة في ظل السياسة التصعيدية الايرانية . وان كان جلوس طرفي الصراع الى طاولة الحوار مستبعدا جدا في ظل الظروف الاقليمية واحتدام الصراع بين البلدين فان المساعي الدولية لتخفيف حدة التوتر بين القوتين الاقليميتين والحفاظ على مصالح البلدين قد وجدت اخيرا ضالتها.
حيث نقلت وكالة سويس انفو اعلان وزارة الخارجية السويسرية أن سويسرا ستمثّل مصالح المملكة العربية السعودية في إيران، ومصالح إيران في المملكة عقب قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلديْن. هذا الإتفاق كان من النتائج الأوّلية التي أسفرت عنها زيارة وزير الخارجية السويسري ديدييه بوركهالتر إلى الرياض والتي استغرقت 24 ساعة، وهي أوّل زيارة لوزير خارجية سويسري إلى المملكة خلال ستين عاما من العلاقات الثنائية بين البلديْن.
وقد التقى بوركهالتر خلال هذه الزيارة مع الملك سلمان بن عبد العزيز، ومع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
بوركهالتر أبلغ السلطات السعودية رسميا بطلب تقدمت به إيران لكي تمثّل سويسرا مصالح طهران في المملكة. ونظرا للعلاقات الجيّدة التي تربط سويسرا بكلا البلديْن، وكذلك نظرا لاهتمامها بتعزيز الإستقرار في المنطقة، عرض بوركهالتر أيضا على السلطات السعودية تمثيل مصالح الرياض في إيران وفقا لاتفاقية حماية مصالح.
ولا تزال تفاصيل الدور السويسري تحتاج إلى مزيد من النقاش مع ممثلي البلديْن. وعن المهام المنوطة بعهدة سويسرا في هذا الاطار والتي في خانة " ولاية حماية المصالح " هو توفير الخدمات الأساسية الضرورية مثل إصدار التأشيرات. وفي حالة قبول البلديْن المعنىين يمكن أن توفّر سويسرا أيضا قناة اتصال بين المملكة العربية السعودية و إيران على الرغم من غياب علاقات دبلوماسية بيْنهما. واستنادا إلى الموقع الالكتروني لوزارة الخارجية السويسرية ، فقد سبق لسويسرا أن تكفلت بالعديد من ولايات حماية المصالح الأخرى في مناطق مختلفة من العالم:
مصالح إيران في مصر (منذ 1979).
مصالح الولايات المتحدة في إيران (منذ 1980).
مصالح روسيا في جورجيا (منذ 13 ديسمبر 2008)
مصالح جورجيا في روسيا (منذ 12 يناير 2009).
وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب المحادثات، شكر الجبير سويسرا على عرض خدماتها، وأعلن أن بلاده قبلت المقترح السويسري، كما شكر بوركهالتر السلطات السعودية على كرم الضيافة وردّها الإيجابي على المبادرة السويسرية. ونقل بيان صدر عقب المحادثات عن وزير الخارجية السعودي قوله: "عرضت سويسرا تمثيل مصالح المملكة في إيران، ونحن في المملكة العربية السعودية نقدّر ذلك ونقبله".
من جهته أوضح ديدييه بوركهالتر في تصريح أدلى به إلى التلفزيون السويسري الناطق بالفرنسية (RTS) أن سويسرا لن تلعب دور الوسيط بين إيران والمملكة العربية السعودية، بل بدلا عن ذلك ستقدّم "نموذجا لما يجب أن يكون عليه العمل الدبلوماسي في الأساس"، على أمل إيجاد قناة اتصال.
يُشار أيضا إلى أنه تم خلال المحادثات تقييم العلاقات الثنائية بين البلديْن، واستعراض الوضع في أماكن التوتّر في المنطقة، لا سيما في سوريا واليمن. وقد اتفق وزيرا الخارجية السويسري والسعودي على أهمية تعزيز التعاون بين البلديْن، لاسيما في مجالات السياسة والأمن والتنسيق في المحافل الدولية، وحول القضايا المتعلّقة بحقوق الإنسان.
وكان وزير الخارجية السعودية عادل الجبير قد أكد في تصريحات سابقة بأن «الإيرانيين يعلمون تماماً ماذا يحتاج ان يفعلوه إذا أرادوا ان يحسنوا علاقاتهم مع المملكة. فما تقوم به إيران من أعمال عدوانية تجاه المملكة يجب ان يتغير»، متطرقا إلى جوانب عدة منها دعم المتمردين الحوثيين في اليمن و«تدخلات» في لبنان وسوريا والعراق.
ورداً على سؤال عن احتمال قيام سويسرا بوساطة بين السعودية وإيران، قال الجبير «إعادة العلاقات تحتاج إلى تعديل في سياسات إيران والأعمال التي تقوم بها في المنطقة. موضوع الوساطة في الوقت الحالي لا اعتقد ان ثمة حاجة له، لأن المطلوب من إيران معروف ولا يحتاج تفسيرا».