الحياة - اتفاق الدوحة بين السعودية وفنزويلا وروسيا وقطر (رئيسة «أوبك» الحالية) بتجميد الإنتاج النفطي، قد لا يكون له تأثير كبير من حيث العرض النفطي الموجود بكثرة في أسواق النفط، ولكنه قد يكون خطوة من أكبر منتج في أوبك (السعودية) لاختبار جدية المنتجين المطالبين بالعودة إلى إدارة الإنتاج وصدقهم، وفي طليعتهم روسيا وفنزويلا. وبلغ إنتاج روسيا في كانون الثاني (يناير) حوالى عشرة ملايين و٨٠٠ ألف برميل يومياً، فيما أنتجت السعودية حوالى ١٠ ملايين برميل في اليوم.
قفزت أسعار برميل البرنت في أول الأسبوع بعد أخبار انعقاد اجتماع الدوحة، إلى ٣٥ دولاراً، ثم انخفضت أمس بعد الإعلان عن قرار التجميد، ثم عادت وارتفعت بعض الشيء. واقع الحال أن فنزويلا على وشك الانهيار الاقتصادي الكامل، وأن وزير النفط الفنزويلي يحاول منذ أكثر من سنة إقناع روسيا بالتعاون مع دول أوبك من أجل تخفيض الإنتاج. ولكن السعودية رفضت أن تحمل وحدها عبء تخفيض إنتاجها إذا لم يلتزم كبار المنتجين الآخرين تخفيض إنتاجهم أيضاً. واليوم، وبعد قرار التجميد، قد تكون هناك نية لدى السعودية بإعطاء الفرصة لرؤية ماذا سيحصل في الأشهر المقبلة من تطور العرض في الأسواق، وعلى الأخص من الآن حتى حزيران (يونيو) موعد مؤتمر أوبك المقبل، حيث من المتوقع أن تزيد إيران إنتاجها بنصف مليون برميل في اليوم.
ومنذ رفع العقوبات عن إيران، اشترت شركة «توتال» من إيران ١.٥ مليون برميل من النفط و «إيني» الإيطالية ٧٥٠ ألف برميل من النفط الإيراني و «لوك أويل» اشترت أيضاً نفطاً إيرانياً، أي أن إيران باعت في شباط ثلاثة ملايين برميل من النفط، وزادت إنتاجها فيه بـ١٠٠ ألف برميل في اليوم. وتتوقع مصادر الصناعة النفطية أن تصل إيران إلى زيادة ٣٠٠ ألف برميل في اليوم من الآن إلى نهاية آذار (مارس)، أما في حزيران (يونيو) فقد يصل إنتاجهم إلى أكثر من ٣ ملايين برميل في اليوم.
ولقد سبق لخبيرين نفطيين في معهد أوكسفود لدراسات الطاقة، جيمس هندرسون وبسام فتوح، تقديم ورقة عنوانها «روسيا وأوبك الشراكة الصعبة» كتبا فيها أن وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك قال لمجموعة من ممثلي الصناعة النفطية الروسية إن روسيا مستعدة لمناقشة تخفيض إنتاجها في اجتماع مع أوبك في شباط، وإن روسيا ستخفض ٣٠٠ إلى ٥٠٠ ألف برميل في اليوم، وقد ارتفع سعر النفط بعد هذه المعلومات، ولكن تقرير الخبيرين يُظهر تاريخ العلاقة بين روسيا والأوبك منذ ٢٠٠١ ويؤكد عدم مصداقية مثل هذا التعهد.
لكن رئيس مؤسسة عبدالله حمد العطية لدراسات الطاقة وزير النفط القطري السابق عبدالله العطية، قال للحياة إن «هناك فائضاً نفطياً كبيراً في الأسواق تنبغي إزالته بأسرع وقت، وإذا لم يلتزم أي جانب بقرار التخفيض عندما يتم اتخاذه، فستنهار أسعار النفط. وقال إنه لا ينبغي أن تفعل أوبك ذلك وحدها، وإن على الروس أن يتعاونوا. واعتقادي أن دول خارج أوبك انتظرت أن تتحمل المنظمة وحدها تخفيض الإنتاج، ولكن الآن تأكدت روسيا ودول خارج أوبك أن السعودية والأوبك لن تخفض وحدها الإنتاج ولن يفعلوا ذلك، فربما بدأت روسيا تغير وتلتزم، لأن كل المنتجين يتأثرون بأسعار مستمرة بالانخفاض».
قد يكون قرار السعودية حضور اجتماع الدوحة خطوة اختبارية لما يحمله الوزير الروسي من جديد حتى تظهر التطورات في أسواق النفط للأشهر المقبلة، وما الذي ستفعله إيران بالنسبة إلى إنتاجها، فإن قرار تجميد الإنتاج قد يمثل اختبار النيات أكثر منه تغيير استراتيجية سعودية، مثلما قال البعض، فالسعودية بقيت على موقفها بأنها ليست وحدها المسؤولة عن تخفيض الإنتاج، لكن الجديد هو أن المصارف العالمية والشركات النفطية العالمية بدأت تتأثر بشكل كبير بانخفاض أسعار النفط، ما قد يؤدي بالسعودية الى بذل الجهود من أجل استقرار الاقتصاد العالمي ولكن بشرط أن لا يكون على حساب مصالحها.