2016-02-18 

همومنا.. وهمّ الوطن

أيمـن الـحـمـاد

 

الرياض -   إن كنا غير مدركين لحجم التحديات والصعوبات التي تواجهها منطقتنا العربية التي تمر بمرحلة مفصلية تاريخية فتلك مصيبة، وإن كنا ندرك ونعلم فالمصيبة أكبر.. نقول ذلك لأن البعض وكأنه لا يعيش في عالمنا العربي والإسلامي الذي يفتك التطرف والفُرقة به، فهاهم البعض قد انبروا في المشهد الإعلامي بكل وسائله التقليدية والجديدة لمهمة التصنيف والفرز، يمارسون تلك المهمات على البعض الآخر من أبناء بلادهم الذين يجمعهم وإياهم الدين واللغة والهوية والانتماء والدم.

 

وبما أن المملكة جزء من هذه المنطقة، ولا تستطيع أن تفرض على نفسها طوقاً ولا حاجزاً، ولأن دورها الإقليمي والدولي يحتم عليها الاندماج والانخراط في العديد من القضايا، وجد بعض المواطنين أنفسهم وبفعل بعض الحوادث المحلية والانعكاسات الإقليمية في تجاذبات لا طائل منها سوى أنها تقود إلى كهربة الأجواء وتسميمها.

 

صحيح أن الطبيعة البشرية جدلية بفطرتها، لكن لا يجب أن يقودنا ذلك حد التخوين أو التحريض أو الإلغاء أو التسفيه أو التصنيف لمجرد الاختلاف، فما يدور ويحصل اليوم يبعث على القلق، إن كنا أمام كل حادث طارئ أو تصريح عابر نستل سيوفنا لنزايد على بعضنا في حب هذا الوطن، الذي نضعفه بتلك التصرفات المشرذمة ولا نقوّيه.

 

لوطننا همٌ ومهمة كبيرين؛ فالأعداء متربّصون، والأصدقاء متقلّبون، والمهمات جسام، والطموح مرتفع، والرغبة في رفعة المواطن والاهتمام به والحفاظ على مكتسبات البلاد أمرٌ ليس باليسير، خصوصاً في خضم الحاصل في عالمنا، وفي هذه الأثناء التي يجدر بالمواطن أن يُسهم في تلك الاستحقاقات تعزيزاً وتثبيتاً، نجد البعض يريد أخذنا لمسارات بنهايات مفتوحة، وجدل بيزنطي، وتبدأ مسرحية المزايدات الفارغة، فتصادر الوطنية من هذا، ويُقلّل من دين ذاك، في مشهد يبعث على الإحباط، فالوطن يحتاج منا الكثير، ومسيرتنا مازالت في البداية، وحجم الصعوبات والقدرة على التغلب عليها تستوجب أذرعاً قوية لم تنهكها الصراعات فيما بينها.

 

يجدر بالنخب المجتمعية أخذ زمام المبادرة، وممارسة دورها، وتشجيع الحوارات المبنية على احترام الاختلاف لا الاحتراب، تدعمها في ذلك جهات حكومية كوزارة الثقافة ومراكز الحوار التي يمكن أن تقدم دعماً لوجستياً ومحضناً يمكن من خلاله مناقشة الأفكار بعقول منفتحة وصدور واسعة، بدون تكاليف أو رسميات، فالوطن لنا جميعاً، ولا حق لأحد أن يصادر رأي الآخر، وألا ننقل حواراتنا تلك في العوالم الافتراضية أمام ملايين البشر الذين يرون في المملكة وأهلها قدوة، ليكتشفوا أنهم ينزلقون في مهاترات لا جدوى منها، تلك الممارسات تخدم أعداءنا دون أن يبذلوا أي جهد حتى في افتعال المشاكل، فبعض المجتمعات تجيد صناعاتها.

 

إن حجم الاختلاف وتصعيده ونقله إلى ساحات مختلفة لا شك أنه جالب للفرقة ولنا في دول عالمنا العربي الذي يشاطرنا كثيراً من قيمنا عظة وعبرة.

 

وإن علينا ألا نأخذ الحياة الجدلية الصاخبة في بعض الدول -لاسيما الغربية- كمقياس نؤسس عليه عالمنا لاعتبارات عدة، فالأنظمة الاجتماعية التي تُبنى عليها أنظمة تلك البلدان السياسية والاقتصادية مختلفة تماماً عمّا نعيشه، حتى تلك الدول العربية التي حاولت التقليد فشلت فشلاً ذريعاً وأضاعت مشيتها ومشية الحمامة.

 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه