2016-02-24 

لبنان ومفترق الطرق

سعد الحميدين

الرياض - منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي، ولبنان "زهرة الشرق" وهو فيما يشبه المد والجزر مع وقائع وأحداث تحدث في العالم العربي، فيكون مرة مع الواقع في اقتراب إلى آخر نقطة، ومرة يتجه نحو البعد بالتبعية لدولة عربية أكبر منه تستغله بواسطة عملاء ومستأجرين من المغرر بهم من أبنائه،، فيكَوِّن (عداءات/صداقات) تجيء نتيجة إملاءات مؤطرة بغطاء يوهم بأن هذا العمل هو في الصالح الخاص اللبناني، والعام العربي بأجمعه.

 

كانت هناك مناوشات وتحزبات تدار في الخارج ولبنان يواجهها بقوة الداخل من رجالاته المخلصين الأصلاء من المفكرين الذين تزداد أعمالهم لصالح الوطن اللبناني، فكان المكان المناسب لبعض من أراد بما يوحي بأنه التحرر والإفصاح عما تكنه خواطره من إمدادات وتوجهات يرى فيها جر هذا المجتمع المتآلف بجميع أطيافه في تلك الفترة التي بدأت تُدق فيها أسافين من صنع الخارج، ومن عاملين للغير مستأجرين من الداخل السليم المسالم.

 

وبدأت التكتلات والمشاغبات، والمواجهات، وعمليات الاغتيالات، وذلك بتغذية التفرقة بين الشباب اللبناني الموحد إلى أن صار مسرحا يدار بالريموت كنترول لمستغلي المصالح والمرتزقة من المتشعلقين بأهداب السياسة ممن يمارسون العمالة لبعض الدول التي تتاجر بشعارات العروبة، ومنهم من يستدعونه من الدول الأجنبية بمحرك أساسي نابع من المنطقة التي فتحت أبوابها لمن أراد أن ينضوي تحت بيرق أي حزب بأي مسمى، فتعددت الأحزاب واستمرت النار في اشتعالها، ينفخ فيها النافخون من الحاقدين والعاملين على استغلال الفرص بغية تمزيق العالم العربي وتشتيت الذين وقفوا بشرف ضد أعداء العروبة والإسلام، فقاموا بمساندة العدوان، ونقلوا بذور الشر والمشكلات إلى لبنان الذي استضعفوه وجروه نحو توجهات ومتباينات مختلفة، واستمروا في التربص حتى أشعلوا تلك الشعلة الحمراء في السبعينيات، وعملت الدول المخلصة والمحبة للبنان، والمحبة للسلام، فكان مؤتمر الطائف واتفاق الأطراف المتنازعة، وأخمدت الحرب التي سميت بالأهلية، وهي منسوجة ومشغولة بالوكالة بأوامر من ألد أعداء العالم العربي (إيران الفارسية)، ومن بعض العرب الحالمين تصوراً بكيانات كبيرة ركيزتها الدعاية والادعاء ظاهريا، وفي باطنها يكمن العداء الذي كشفته الأيام، فصارت تحزبات، تفرقات، وتخوينات، ومن راء ذلك من يسعى بكل جهده لتقويض التاريخ العربي.

 

وقتها كان مؤتمر الطائف الشهير الذي تبنته المملكة هو ما بث القوة والشرعية وأعاد للبنان البهجة والمسرات، واسترد عافيته وسار العمل نحو التوجه للبنيات التحتية والفوقية، فقامت المشروعات التي كانت من صنع مساعدة ومساندة من الدول الراقية والمحبة للبناء والتطور والاستقرار والسلام والأمن لكل الكيان العربي، فعملت على الفعل وباركت كل توجه نحو الإصلاح والبناء، وقدمت المساعدات المادية والمعنوية، لعودة الازدهار، وشهدت التسعينيات تطورات متسارعة، وشاعت محبة العرب للبلد الماتع والمحبوب، ولم تستمر سنوات قصيرة حتى عادت المنغصات التي تلت إخراج القوات السورية من البلد الذي رزح تحت تجاوزات، وتدخلات وتشويهات للجماليات، وكان الحث على المناوشات التي بُذر وترعرع تحت حمايتها فيما يسمى حزب الله، العميل ليس لسورية فقط، وإنما لحماته ومنشئيه (الفرس) فثارت المناورات والمداورات، وبث روح التفرقة، وترويج التشتت والعداوة بين اللبنانين تحت كيانات ومسميات، فأصبح لكل جماعة وفئة أو طائفة لبنانها، وخاصة من قبل متلقي التوجيه والعتاد والأعراف والتمزيق من إيران.

 

وكما هو معروف لم تكفّ سورية عن أفعالها الشنيعة، فالاغتيالات، وقطع الطرق، وإشعال الفتن بين اللبنانيين، والاعتماد على المرتزقة من الشتات، والتدخل في الحكومات والإملاءات التي تأتي من السادة أعداء المنطقة، فكان جر البلد لخط البداية حروب داخلية، واحتجاجات، واعتصامات ومراوغات في تشكيل الحكومة مع استرزاق من دول لها أهدافها والتي تشير صراحة بعداواتها لكل ما هو عربي تحت شعار تصدير الثورة كما يدعي الملالي، وكانت البوابة السورية الواسعة التي فَتحت على البلد التاريخي كل المشكلات والدمار وتهجير أبنائه، وجعلته وكراً للمرتزقة وعملاء إيران، وما يتبجح به حزب الله وزعامته تحت مسمى المقاومة تحول إلى صواريخ، وقنابل، ومدافع ضد البلد الشقيق بلد المواجهة التي وجد فيه العملاء والمرتزقة مبتغياتهم المعروفة.

 

لقد عملت السعودية بقياداتها وسياستها الحكيمة كل جهد من أجل استقرار لبنان وجمع شمله، وكانت المساعدات المعروفة والتي يعرفها كل اللبنانيين وذلك من اجل أمنه ورخائه، ولكن المرتزقة والعملاء استغلوا بخياناتهم تلك المساعدات، في توجيه عصابات الإرهاب والمخربين، وأمدوهم بها، فكان القرار الحكيم الصارم بوقف كل ما كان يراد به المساعدة، فالطعن من الخلف يُكتشف، والخيانة تتضح، والعمل الجاد والقوي هو الحل، فكل تشجيع على الإرهاب، وكل عدوان على السعودية، وكل عملية إرهابية إنما كانت عن طريق إيران الحاضنة الحقيقية والراعية للإرهاب ومع ذلك لم يجرِ في قاموسها وخطابات ملاليها أية إدانة لأي عملية إرهابية في أي مكان، وهذا ما يبين ويؤكد ضلوعها في كل عمل تخريبي يجري في المنطقة.. وها هو لبنان في حيرة من أمره متسائلاً أين الطريق والمخرج والعملاء يعيشون فوق أرضه؟!

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه