ليس لدى الأمم المتحدة قوات عسكرية كتلك التي كان يحلم بها بطرس غالي، ولذلك، ترسل إلى مناطق النزاع مفاوضين مفوَّضين مختلفي الرُتب والخبرات. وقد بدأت في سوريا بأمين عام سابق هو كوفي أنان، ثم الأخضر الإبراهيمي، ورست على السيد دي ميستورا. وكانت القضية في البداية جنيف1، ثم أصبحت جنيف2، والآن حلب الوسط. تضييع وقت وتبديد أموال ودمار بلا حدود. لأن الأمم المتحدة هي مجلس الأمن، ومجلس الأمن هو الفيتو، والفيتو هو غاز السارين. عندما أُنشئت المنظمة بعد الحرب العالمية الثانية، وضعت الدول الرابحة نفسها في الصفوف الأمامية والجميع خلفها. ضمنت مصالحها ومصالح الدول الدائرة في فلكها، وأدارت ظهرها للباقين. خمس دول أعطت نفسها خمسة مقاعد دائمة في مجلس تُعرض عليه أخطر قضايا العالم. بين 1946 و2012 استُخدم الفيتو 269 مرة، منها 225 قبل التسعينات. كان الاتحاد السوفياتي سبّاقا في استخدامه في الخمسينات والستينات، ثم تلقفته الولايات المتحدة لحماية إسرائيل من القرارات المتعلقة بفلسطين ولبنان. أما بريطانيا وفرنسا فلم يلجآ إليه إلا نادرا، ولم تستخدمه أبدا خلال 15 عاما. منذ 2006 استخدمته روسيا والصين من أجل زيمبابوي وميانمار وسوريا. تأمل الصورة بدقة: عجز عسكري دولي عن فرض الحلول، وشلل دبلوماسي. الواقع أن الأكاديمي التشيكي جوزيف كوربل كان قد وضع عام 1962 أطروحة بعنوان «انحسار مفعول الدبلوماسية». والرجل لم يكن سوى والد مادلين أولبرايت، التي سوف تختبر بنفسها في الخارجية الأميركية مدى صحة هذه النظرية. كيف نُعيد إلى مجلس الأمن دوره؟ لدي اقتراح ساذج. البعض قال بتوسيع العضوية الدائمة، وضم دولة مثل الهند أو مثل ألمانيا. لكن إذا ضُمَّت الهند، ماذا نفعل بباكستان؟ والبعض قال الدولة الإسلامية الأكبر عددا، أي إندونيسيا. ولكن ذلك سوف يحمل إيران فورا على المطالبة بمقعد دائم للإسلام الشيعي. الحل الأفضل هو الاقتداء بالاتحاد الأوروبي الذي ألغى الفيتو واستبدل به التصويت النسبي. لا يكون للهند قيمة التصويت الذي هو لدول تعدادها 200 ألف نسمة. ولكن عندها أيضا كيف نحدد الفارق بين السويد ونيجيريا؟ بحجم المساهمة في مؤسسات الأمم المتحدة والتزام القانون الدولي. لا يجوز أن يكون حكما من لا يتمتع بصفة الحَكَم. أما الاستمرار في نظام الفيتو فهو تمادٍ في نظام الغطرسة وتوسيع الهوة بين الضعفاء والمتجبِّرين. النموذج السوري هو الأفدح. في السنوات الأخيرة أكثر من 250 ألف قتيل، و12 مليون مشرد، وخراب على مدى البلاد، والرفيق لافروف لا يعرض سوى الفيتو. «إيه تِضرَب».. كان يقول غوار الطوشي. *نقلا عن الشرق الأوسط