الرياض - في هذه الزيارة الملكية التاريخية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تبرز قوة التلاحم والأخوة العربية بين البلدين الكبيرين اللذين يجمعهما رباط المحبة والأخوة والمصير المشترك، ليس من اليوم وإنما من عهد المؤسس صقر الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ومن بعده الملوك من أبنائه، حيث التلاقي المستمر والتشاور والتعاون المستمر فيما يرفع من شأن الأمة العربية وليس فقط مصر والمملكة، إذ في وقفاتهما المشتركة وتفاهماتهما الخاصة بالبلدين الشقيقين تكون المصلحة العربية في عداد القائمة الأولى، ولكم تعرضت الدول العربية وفي مقدمتها مصر والمملكة وهي تقف بصلابة وقوة للمناكفات من أعداء المصير العربي المشترك، وعمل البعض على أن يفصم مابين القطرين الكبيرين ولكن الواقع والتاريخ يقف في صفهما دوما، ففي توافقهما وتعاونهما وما يعملانه من أجل الشعبين الأخوين لا يتركان إخوانهما العرب والقضيا المصيرية دون العمل بجهد وجد من أجلها.
مواقف عربية كبرى ومصيرية قادتها المملكة ومصر لكونهما الجناحين الكبيرين دينيا وبشريا، والقادران على حمل ثقل العالم العربي والإسلامي وتحمل قضاياه، والعمل على إيجاد الحلول التي تهم العربي في كل قطر، ويتجاوزان بتعقل وحكمة عن بعض الأمور التي يراد منها الفرقة وتفتيت التلاحم العربي، ويعملان ويوجهان دبلوماسيا، وفعليا ماتدعو إليه الحاجة حتى لو دعت الى استخدام القوة، وقد بانت في مواقف معروفة أحدثها إنشاء قوات التحالف العربي، والعمل بالحزم والعزم على إعادة الشرعية لليمن الشقيق، والمساندة والمساعدة للشعب العربي السوري الشقيق، والعمل المستمر على كافة المستويات لإبعاد الدخلاء على القضايا العربية، والتعبير عن ذلك عملياً بالمؤازرة في المواقف الحازمة كما في سحب الدبلوماسيين السعوديين من إيران بعد العدوان المتسم باللؤم والقذارة على السفارة والقنصلية هناك، وعدم التجاوب مع المراوغة ومحاولة تمرير العملية دون حساب قوي رادع يشهده العالم عبر المنظمات الدولية التي تعنى بالشأن السياسي عالميا الممثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومنظمات حقوق الإنسان.
الزيارات المتبادلة بين مصر والمملكة يباركها من يريد السعادة للإنسانية جميعا، وللشعبين الشقيقين المرتبطين منذ الأزل مصيرياً، كلاهما يعمل وكأنه يعمل لنفسه لكونهما في ترابط وتلاحم سياسي، واجتماعي، وتعليمي، وصناعي، ومشاركات أسرية، ولم يبتعدا عن بعضهما (الشعبان/ الحكومتان) ولو حصل بعض الاختلاف في مواقف معينة، فإنها لا تطول وتكون الحسرة مستمرة حتى تزول، فلا انقطاع للصلات والتواصل، فهناك الحج والعمرة، والعمل الحيوي المشترك، على كافة المستويات من العامل الصغير، والمعلم الكبير في شتى التخصصات، والطبيب والممرض، والمهنس، والمحاسب، والقانوني، فأكبر عدد من العرب موجود في المملكة يعملون إلى جانب إخوانهم السعوديين هم من المصريين.
هذه الزيارة الأخوية التاريخية، وما ظهر من نتائجها ومنافعها للبلدين الشقيقين، حملت الكثير من الآمال التي يتطلع إليها العرب كافة، ويخشاها الحاقد والعدو، فهي أفعال لا تخفى، ونتائجها تُتَرجم المحبة الأخوية بالعمل، فالمشروعات المشتركة، وما تتحمله كل دولة بدورها يعبر عن الأخوة كأسرة واحدة يهمها كل فرد، فالمصري ليس غريباً في السعودية، وكذلك السعودي في مصر يحس أنه في وطنه الثاني، والساحة الاجتماعية أمام الجميع تكشف الأعداد البشرية من الجنسيتين في الوطنين الملتحمين كوطن واحد، وهو أمر حاصل تعلماً، وقراءة، وكتابة، وتزاوجاً، ففي مصر توجد المشروعات الكبيرة للسعوديين في الزراعة والبناء والمعامل، وكلها في صالح الأشقاء.
الملك سلمان بن عبدالعزيز يحب مصر ومصر تحبه، حتى انه قد ارتدى الزي العسكري وتمرن على فنون القتال مع العسكريين وبعض من أخوته كل ذلك تطوعاًمن أجل الدفاع عن مصر إبان العدوان الثلاثي الذي تعرضت له مصر عام 1956، فكانوا قدوة للشعب في المواقف الرجولية والبطولية التي تتوجب على الفرد لحماية الوطن. هذه الإشارة تدل على أن لمصر مكانة خاصة في قلوب قادة وشعب المملكة العربية السعودية، وكل ما وُقِّعَ عليه من اتفاقيات هي أفعال سترى النور في أوقاتها وقد عُمل البعض وشُرع في المتفق عليه، والصدق والصراحة كانا الشعار الذي هو الركيزة والأساس، فمنْ يعْمل من أجل العرب بإخلاص وأمانة سوى السعودية ومصر على مر الزمن، وفق الله من يعمل بإخلاص من أجل الخير للإنسان، ويعطي الأوطان ما تستحق من الحب.