الرياض - لأن الشباب اليوم يمثلون النسبة الأعلى من سكان العالم الإسلامي وهي غبطة ومثار حسد دول اضطرت إلى إدخال تشريعات لتشبيب مجتمعها الشائخ، لكنها في عالمنا الإسلامي محل كَمَد لدى البعض بفعل ما يواجه هذه البقعة من العالم من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية جعلت من هذا المكون المجتمعي كتلة قلقة متوترة مستفَزة بفعل العوامل السابقة الذكر وقابلة للانفجار وهذا ما حدث في بعض الدول. لقد رأينا خلال الأعوام الخمسة الماضية كيف انفجرت هذا الكتلة المحتقنة والمكبوتة في وجه عالمنا الإسلامي ناقمة وساخطة، فإما اندمجت في حراك سياسي عنيف ومتهور أو اعتنقت فكراً متطرفاً متوحشاً، وفي كلا الأمرين كان دور الشباب في هذه التجاذبات دور الوقود الذي يحترق في سبيل غيره.
بالأمس لفت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في كلمته أمام قادة الدول الإسلامية في افتتاح القمة الإسلامية المنعقدة في اسطنبول إلى نقطة غاية في الأهمية بعد أن ذكّر بالقضايا الرئيسية القائمة اليوم بدءاً من القضية الفلسطينية ومن ثم الأزمة السورية، فالشأن اليمني، ليلتفت بعدها مباشرة إلى نقطة لم تُطرق من قبل القادة الذين أسهب بعضهم في العموميات دون أن ينظر إلى صلب مجتمعه وذروة سنامه، فبعض الدول الإسلامية يبلغ عدد الشباب الأقل من 14 سنة أكثر من 50% من سكانها، مثل نيجيريا. وهذا حملٌ ثقيل ومسؤولية جسيمة، وخطر محدق إن لم يتم توجيه تلك الطاقات واستثمارها وتوفير المناخات الصحية لها وتحصينها، لذا كان الملك سلمان منبهاً إلى ضرورة "حماية جيل الشباب من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها والهادفة إلى إخراجه عن منهج الدين القويم والانقياد وراء من يعيثون في الأرض فساداً باسم الدين الذي هو منهم براء".
إن ما يجري اليوم في عدد من الدول من أعمال إرهابية غالبيتها تقع في الدول الاسلامية مصدره التفريط في تحصين الشباب من أفكار خطيرة تريد ارتكاب فعل متهور بسبب فقدان المتعة في الحياة وانعدام الأمل وانتشار الإحباط، ولأجل ذلك لا أقدس من الدين كي ينتحر الشخص باسمه وفي سبيله ليسمى شهيد وهو في واقع الأمر قاتل لنفسه ولغيره في سبيل أفكار ضالة. وجدير ألا ننسى بأن هذه الشعلة المتقدة مصدر إشعاع كبير إذا ما وجهت صوب العمل التنموي، فلا أقدر من الشباب للتفكير والإبداع والصبر والتحمل، لذا كان الهدف دائماً استهداف عقولهم.