الرياض - خلال الشهرين الماضيين قام كل من الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إلى المملكة، كانت هاتان الزيارتان مثمرتين وناجحتين حسب المراقبين الذين يتابعون الحراك السياسي في آسيا، فالبلدان مهمان بدرجة كبيرة؛ ليس في إطارهما الإقليمي، بل حتى على المستوى الدولي، هذه الأهمية تمتد من السياسة إلى الاقتصاد وحتى الثقافة، فهما لاعبان رئيسيان تاريخيان في الحراك الحضاري والدولي.
اللافت في الزيارتين اللتين قام بهما كل من الرئيس الصيني ورئيس الوزراء الهندي هو مجموعة الاتفاقيات التي وقّعت، لكن أهمها تلك التي وقعتها حكومتا بكين ودلهي مع الرياض والمتعلقة بمكافحة الإرهاب، فبالنسبة للصين جاءت الاتفاقية التي وقعها وزير الخارجية عادل الجبير ونظيره الصيني وانغ يي بحضور القيادتين في البلدين من أجل إقامة آلية للمشاورات حول مكافحة الإرهاب، في حين جاءت الاتفاقية مع الجانب الهندي كمذكرة تفاهم بين وحدة التحريات المالية السعودية، ووحدة التحريات المالية الهندية حول التعاون في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الجرائم والإرهاب.
إن قيام الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والهند، التي تحتل المرتبة التاسعة ضمن ذات التصنيف، وكلاهما دولتان نوويتان، بتوطيد علاقاتهما مع المملكة في مجال مكافحة الإرهاب أمرٌ يحمل دلالات لا يمكن صرف النظر عنها، فالبلدان يثقان في قدرة وصدقية المملكة في تعاملها مع هذا الملف الدقيق والحساس، والذي يهدد المنجزات الاقتصادية والتنموية والأمنية لهذين البلدين المؤثرين على الساحة الدولية، كما أنهما يريدان الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى المملكة في مجال مكافحة الإرهاب، ويعرفان أن الرياض استطاعت استهداف البنية التحتية للمنظمات الإرهابية، وحجّمت وقلصت قدراتها، بل استطاعت إحباط العديد من العمليات خارج حدودها، كما تخبرنا بذلك الوثائق وتصريحات بعض المسؤولين الغربيين.
إن حرص المملكة على توثيق تعاونها مع الصين والهند ودول أخرى في مجال مكافحة الإرهاب يأتي في إطار حرصها على استتباب الأمن الدولي، وليس المحلي أو الإقليمي فقط، إيماناً منها بضرورة تكاتف الجهود الدولية للحرب على الإرهاب، ولو لم تشعر هذه الدول الكبرى الرائدة بجدية الرياض في القضاء على الإرهاب لما سعت لتوثيق عملها الأمني والاستخباراتي معها، بالرغم من محاولة التقليل من جهودها لأغراض غير مفهومة