انتصف النهار وحان موعد سفرنا، حان الوقت لأودع مدينة بودابيست الساحرة، إتصل زوجي بالكونسيرج ليجهز لنا سيارة تقلنا إلى المطار: "سيدي، هل تفضل تاكسي أم سيارة مرسيدس حديثة الطراز مخصصة فقط لنزلاء الفندق؟ نحن نوّفر هذه الخدمة بنفس سعر التاكسي العادي لراحتكم" ولم لا ؟؟ هاتوا ما عندكم !! خلال ربع ساعة توقفت سيارة فارهة سوداء أقلتنا للمطار. استقبلنا سائقها شاب مجري ببدلته التكسيدو المخاطة بعناية فائقة وبإبتسامة عريضة.. سألنا عن رقم الرحلة وما لبث أن ضغط على أزرار كمبيوتر صغير بحوزته ليتابع تفاصيل الرحلة وموقعها من المطار بالضبط، استوقفه أننا سنحط بمطار دبي للترانزيت، فضحك ضحكة مجللة قائلا: كم أحب دبي والشارقة و لكن ابوظبي هي ما أذهلتني !! لوهلة ظننت أنه كان يعمل بدولة الإمارات، لمعرفته الدقيقة بتفاصيل وشوارع البلد.. عندما سألته رد قائلا "لا، فقط زرتها لمدة شهرين للاستمتاع بإجازتي هناك، فالبحر والرمال العربية ساحرة.. وقبلها زرت عمان الجميلة واستطنبول وشرق آسيا واستراليا" وعدد لنا المدن التى زارها سائقنا الظريف !! واااو كل هذا؟ وطبعا غلبني الطبع العربي الفضولي لأسئلة مثل "وهل عملك كسائق يتيح لك تلك الرفاهيه لتسافر كل هذه البلدان؟ وأنا أرى أنك لازلت صغير السن لا تتعدى الثلاثين عاماً" رد بضحكة مجلجلة أخرى " اتفهم يا سيدتي ما تعنين، فمن هم على شاكلتي بالخليج عندكم يعملون وكأنهم آلات وليسوا بشرا، فقط يجمعون المال ويرسلونه لذويهم، أو يدخرونه ليسعدوا به بزمان ومكان آخر، أما نحن في أوربا نؤمن أن السعادة لا تُؤجل فنعمل لنستمتع بعملنا، ونُسخر ما نكسب لسعادتنا.. هذه كما ترين هي سيارتي الخاصة، أخذتها وأدفع قسطها وأتفقت مع مجموعة من الفنادق الفارهة أن أقوم بتوصيل زبائنهم للمطار، أو السياحه وبسعر مماثل للتاكسي.. عملي معهم يبقيني مشغولا لمعظم السنة ويدّر ربحاً جيدا خاصة مع الإكراميات من الزبائن الراضين .. هي وظيفة محترمة وعمل حر وتوفر لي مدخول جيد جدا اصرفه بما يسعدني وكلما زادت سعادتي و رضاي بعملي حلت المباركة فيما اكسب .. صدقيني يا سيدتي أحس فعلا بحالة الحب مع عملي وكذلك عملي يبادلني الحب .. كلانا يحترم الآخر" وأضاف " مهم أن أحب نفسي وأكافئها على عملها الجاد، لذا آخذ إجازتين بالعام إحداهما قصيرة بالصيف واستمتع بها بالسفر بأوربا، والأخرى طويلة بالشتاء وبها أزور دول العالم البعيده كأسيا وأمريكا وأستراليا، وهناك ما يكفي للاهتمام بزوجتي وجدتي التى تسكن معي واهتم بها، لا يقلقني المال فهناك من بالسماء يهتم بي ويريدني سعيدا، راضياً " قلت له "حسنا ايها الفيلسوف، هذا يكفيك.. أثبت لي الأن انك ملك زمانك و ربما كنت بهذا اكثر سعادة وحظاً من لويس الرابع عشر " وصلنا المطار .. تعلوا وجوهنا جميعاً ابتسامة عريضة، فالسعادة عدوى والرضا عدوى .. نظرت حينها لزوجي وكان مبتهجاً وقلت له.. ليس هو فقط أكثر سعادة وحظاً من لويس الرابع عشر بل نحن ايضاً !! "السعادة حالة ذهنية خاصة منبعها الروح ليس لها علاقة بالمادة والمكان والجسد بل تتجسد وتنعكس على المادة والمكان والجسد"
مقال جميل .. فعلا السعاده حاله ذهنيه وليس لها علاقه بالجسد
لما مالقيتي رد علی الكلام اللي انقال لش سويتين الا لي وتالي بلوك لان ماتبون كلام الحق
لما مالقيتي رد علی الكلام اللي انقال لش سويتين الا لي وتالي بلوك لان ماتبون كلام الحق