وإن كان الصراع الخليجي الإيراني معطا قديما بما أنه يعود الى سنوات خلت مع بداية الثورة الايرانية، إلا أن تغييرات كبيرة ميزت هذا الصراع في السنوات الاخيرة.
تغييرات مست أطراف الصراع نفسها وحتى محاور الصراع وأساليبه، وهو ما خلق بيئة جديدة بين الصراع وجعل كامل المنطقة تعيش على وقع تطوراته.
في هذا السياق يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت شفيق الغبرا في مقال تحليلي له في موقع معهد واشنطن بأن ما خلق بيئة جديدة في هذا الصراع هو التحولات التي شهدتها أطراف هذا الصراع وكذلك عموم المنطقة، فبداية بإيران مثل توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات الاقتصادية معها إشارة إيجابية لطهران لمزيد تغذية طموحاتها في المنطقة وتحريك أذرعها العسكرية في أرجائها، في محاولة لاستعادة دورها الاقليمي وإحداث توازنات جديدة في الشرق الاوسط.
رفع القيود عن إيران وفتح الباب أمامها لدخول نادي المجتمع الدولي مثل في جهة الصراع الاخرى إنذار خطر للدول الخليجية من تنامي التهديدات الايراني وسياسة الفوضى التي تعتمدها ايران في أكثر من دولة خاصة وأنها تعيش مرحلة إنتقالية حيث صعد الى سدة الحكم في السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز بداية سنة 2015 وصعد معه جيل من الشباب لقيادة الدولة وهو ما أحدث تغييرات كبيرة في طريقة تعامل المملكة مع إيران ومع التهديدات التي تمس من أمنها القومي، ناهيك أن ذات التغييرات شملت عدد من الدول الخليجية الاخرى كقطر مثلا والبحرين بطريقة قد تكون مختلفة بعض الشيء.
هذا دون إغفال معطى جديد هو ثورات الربيع العربي الذي جعل الدول الخليجية على أهبة الاستعداد لموجات من التهديدات التي قد تتطال امنها القومي ناهيك عن تأثر اقتصادها بتراجع اسعار النفط وما أفرزه من خطط تقشفية وبرامج اصلاحية لعل ابرزها رؤية السعودية 2030 لانهاء اعتمادها عن النفط.
واقع دفع وفق "الغبرا " بالدول الخليجية وبقيادة سعودية خاصة في ظل انحسار دور واشنطن في المنطقة الى بناء تحالفات جديدة لمواجهة المد الايراني وهو ما يتجلى في محاولاتها لتقوية الحلف العربي الاسلامي مع تركيا وباكستان ودول قوية أخرى في ظل تراجع دور مصر في المنطقة بسبب وضعها الامني والاقتصادي الصعب.
توجه يؤكد بأنه يجعل من الصرا الخليجي الايراني متواصلا لكن حسم نتائجه لصالح جهة معينة يبقى أمرا بعيد التحقق، ذلك أن الحروب الراهنة حول الخليج، مهما كانت مبرراتها، هي في النهاية حروب قد تنتهي بانتصارات جزئية أو بخيبات أمل كبرى، أحياناً يقع إنتصار بطعم الهزيمة وذلك من جراء الثمن ودرجة الاستنزاف.
ففي حرب اليمن، على سبيل المثال، تناقضات جمة من أهمها القوة المكتسبة لـ تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» (إنشاء دولة تشبه تلك التي أقامها تنظيم «داعش»)، بالإضافة لآفاق نمو الحراك الجنوبي على حساب وحدة الشمال والجنوب. وهو ما يجعل النتائج في المدى المنظور خليط من التوازن واللا توازن والمكاسب والمخاسر.
وفي قرأته لمستقبل الصراع يقول سفيق الغبرا أن تحول الصراع في الإقليم لصراع إيراني - عربي، هو إنعكاس لأزمة الإقليم العربي الأعمق والحالة السياسية التي تفتح الباب لمزيد من التدخل الخارجي والصراعات الجانبية، وهو ما أدى الى إنفجار صراع شيعي سني، لكن صراع قد لا يجد نهايته وفق استاذ العلوم السياسية بما انه لا الشيعة سيختفون من الخارطة ولا السنة سيخرجوا من المعادلات، وذلك لأن الصراع مع الوقت لن يقود إلا إلى مساومات، والمساومات ليست في جلها فقط حول إيران، بل حول حقوق الشيعة والسنة كمواطنين في بلادهم قبل أن يكونوا أعضاء في طوائف أو قبائل وسكان أقاليم ممتدة.