نشرت مؤسسة جيمس تاون الأمريكية دراسة بحثية حديثة أكدت فيها بأن دول مجلس التعاون الخليجي تعد إحدى الأهداف الكبرى لتنظيم الدولة الاسلامية وهو ما يؤكده التسجيل الصوتي لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الذي نشر قبل عامين. لكن المؤسسة تؤكد في دراستها بأن المقاربات الأمنية الخليجية وتنسيقها المشترك مثل دعامة كبرى في مواجهة هذا التهديد والحد من خطورته.
وفي سياق مقالها الذي أكدت فيه المؤسسة أن السعودية تعد أهم هدف للتنظيمات الارهابية أشارت المؤسسة الامريكية في مقالها الذي ترجمته عنها الرياض بوست بأن لكل دولة خليجية مقاربتها الامنية الخاصة لكنها في الان ذاته تتبادل التنسيق المشترك في هذه المسألة. ففي البحرين الرغم من المشاكل الأمنية المحلية والاضطرابات التي شهدتها المملكة في سنة 2011 إلا أنها ظلت بعيدة عن خطر الهجمات الارهابية.
لكن إستغلال داعش لورقة التوتر الاجتماعي والاضطرابات تجعل إحتمال أن يتكرر سيناريو أعمال العنف مع الطائفة الشيعية واردة جدا رغم أن التنسيق والتعاون بين البحرين وبقية الدول الخليجية في إطفاء الفتنة الطائفية نجحت في إخراج المملكة من مستنقع دموي بالإضافة إلى أن تضييق قوات الامن البحرينية الخناق على حركة الدخول والخروج من المناطق مصدر الخطورة في البحرين مكنت المملكة إلى حد الأن من ضمان أمنها القومي وإستقرارها الاجتماعي أمام تهديدات التنظيمات الارهابية وخطر المخططات الايرانية لادخال البلد في حالة من الفوضى.
أما بالنسبة للكويت فقد مثل التفجير الذي إستهدف مسجد الإمام جعفر الصادق في 26 يونيو 2015 صدمة للشعب والدولة الكويتية. ذلك أنه وعلى الرغم من النظام السياسي في الكويت يعتبر الأكثر انفتاحا في المنطقة إلا أن الشكوك تحوم حول الدعم الكبير الذي تقدمه الجمعيات الخيرية المحافظة ورجال الدين المحسوبين على السلفية من دعم لهذه التنظيمات الارهابية.
ورغم أن الجمعيات الخيرية ورجال الدين المحسوبين على السلفية في الكويت يمثلون خطرا جديا على أمن البلد إلا أن قوات الأمن الكويتية تمكنت من الكشف عن عديد المخططات ومن إفشال معظمها، كما أنه من المنتظر أن يساهم التنسيق المشترك بين الكويت ودول الجوار على الحد من خطر التنظيمات الارهابية على الكويت في الفترة القادمة.
وعلى غرار الكويت يعد إنفتاح قطر على معادلة ومزيج من الإسلاميين المحافظين و الثروة الاقتصادية، خطرا محدقا قد يعصف بالامن القطري، رغم أن قطر لم تشهد هجمات ارهابية سوى مرة واحد في العقد والنصف الماضي.
أما الامارات العربية المتحدة والتي تعتبر البلد الخليجي الاقل عرضة حتى الان لهجمات تنظيم الدولة الاسلامية فإن درجة اليقضة الامنية على أشدها رغم أن الامارات لم تشهد حتى الآن أي هجوم إرهابي بإستثناء حادثة طعن المواطن الإماراتي اليمني الأصل ، علاء بدر الهاشمي لمدرس المدرسة المجرية الأمريكية حتى الموت في أبو ظبي والتي أعقبتها بعد ساعة تقريبا لعبوة ناسفة محلية الصنع في الباب الأمامي لطبيب أمريكي. في الحادثة الاولى ورغم تأكيد زوجة الهاشمي بأن زوجها إعتقل بسبب الاشتباه في علاقته بتنظيم داعش إلا أن قدرة الامارات على مجابهة خطر الارهاب المحتمل تبقى كبيرة بسبب بنيتها التحتية المميزة ودرجة يقضتها الكبيرة.
إلى ذلك تعد فعالية أجهزة الأمن و الجيش العمانية وتطويرهما لسياسة مبتكرة في إدارة الحدود للحد من إمكانية انتقال المتطرفين من اليمن إلى عمان أحد دعائم الاستقرار الامني في عمان.
وما يجعل عمان البلد الاكثر أمنا و الأقل احتمالا لتلقيه هجوما ارهابيا بالمقارنة ما دول الخليج هو تجانس المجتمع العماني لكن الخطر الجدي يبقى من إمكانية إستغلال تنظيم الدولة للفراغ السياسي في عمان في صورة وفاة السلطان قابوس.
وخلصت المؤسسة من خلال دراستها بأن التنسيق الاقليمي المشترك بين دول مجلس التعاون المشترك يعد دعامة أساسية لنجاحها في حربها ضد التنظيمات الارهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة وهو أيضا العامل الذي قد يحسم المعركة على المدى البعيد.