التكريم بعد المقبرة
اشتهر العرب منذ قديم الزمن بخصال كثيرة، وثوابت استمروا عليها ابتداء من العصور الأولى، ومروا بالجاهلية، حتى توج الدين الاسلامي هذه الأخلاقيات والشيم بتعزيزها وغرسها في نفس وعقل وقلب الانسان المسلم .
الوفاء من سمات العربي ، في أسرته وقبيلته وعمله وكافه مراحل حياته، فهي صفه فطريه نشأ، وتربى عليها منذ نعومه أظافره ، هي تاج القيم، ونبراس الصفات الانسانية المتحضرة، ويكفي أنها مضرب للمثل منذ فجرالتاريخ، وكافة العصور والأزمنة بإرتباطها بالعرب، فهي توجيه إسلامي حنيف، وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم قال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق ).
هذا الحديث إعلان نبوي كريم ومسار اخلاقي يجب ان يقتدي به المسلم بسبب اهتمام الدين الحنيف بكريم الاخلاق والصفات وما يجب أن يظهر به خلق المسلم .
ومع مراحل الزمن، ومتغيرات حياة الانسان، بدأت بعض الصفات الانسانية، والقيم الاخلاقية، بالتراجع لأسباب كثيرة، ومن أهمها ( الوفاء ). ويبرز ذلك في تعامل الانسان مع المحيط القريب له من والدين ، أهل ، أصدقاء.
في حديث الرسول الكريم ( لايشكر الله من لايشكر الناس ) اهتمام وإبراز لصفه الوفاء، وإظهار فضل كل من ساعد الإنسان في أي مرحلة من حياته.
ولعل أبرز مظاهر الوفاء هو التكريم، وإظهار المشاعر الانسانية، و الأمتنان والاعتزاز بالدور الذي قدمه الإنسان في أي مجال في حياته ، فشكر الناس وإظهار ماقامو به من جهد وتعب وإخلاص وتضحيات دافع هام ورئيسي للجيل القادم لرسم خارطه طريق عنوانها الكفاح والاخلاص .
ولعل من اسوء مظاهر التكريم ( التي طغت مؤخراً) تكريم الانسان بعد وفاته، وعدم تذكر تضحياته أو أدواره في أي مجال خاضه في حياته الا بعد الممات.
هنا يتحول التكريم والإحتفاء بعد الرحيل إلى مجامله تقلل من بريق الوفاء ، إن فرحة تتويج مشوار الحياة، بعد صبر وكفاح أثناء الحياة بالتكريم له أثر كبير في حياة أي فرد قدم لمجتمعه وأسرته ووطنه تضحيات وبطولات بكل جد واخلاص .
كم هو جميل أن يبادر الإنسان في حياته برد الجميل والدين لمن ضحى لوطنه ، وتعب وسهر لتربيه أبناءه ، ومن بنى وأسس لجيل تربوي ، أو من اخلص في عمله وخدم وطنه بأمانه .. والأجمل ونحن في مجتمع خير وبلد عطاء قياده وشعباً ان يكون التكريم قبل الممات .
