ستة اسابيع او ربما أقل تفصل عن انتخابات الرئاسة الامريكية وسط تصاعد الاحتجاجات على حالات العنف العرقي، و تدهور صحة المرشحين دونالد ترامب و هيلاري كلينتون ، وقبول الناخب الامريكي بفكرة الحزب الثالث بدلا عن الجمهوري والديمقراطي، اعتراضاُ على اداء المرشحين من الحزبين .
وجاءت المناظرة التلفزيونية الاولى التي جمعت بين المرشحين لترفع من حظوظ كلينتون على منافسها ترامب دون أن تحسم النتيجة بعد، إذ لا يزال هناك المناظرتين المقبلتين قبل موعد الحسم في 8 نوفمبر .
وبدا واضحا في المناظرة الاولى أن خبرة كلينتون كسياسية محنكة وصانعة قرار بحكم خبرتها الحقوقية و توزيرها للشؤون الخارجية من قبل رجحت الكفة لصالحها وساهمت في توجيهها النقاش بما يكفل تحقيق اقناعا اكبر بإمكانياتها وقدراتها ، سيما وقد تعهدت بالتزام امريكا بمعاهدات الدفاع المشترك مع حلفائها ، في الوقت الذي دعا فيه ترامب ذو الخبرة في التطوير العقاري والاستثمارات الى اعادة النظر في تحالفات الولايات المتحدة مع دول العالم بما فيها دول الشرق الاوسط وطالب بضرورة ان تدفع الدول الحليفة للولايات المتحدة مقابل حمايتها .
وتبقى مسألة اسرائيل هي الاكثر توافقا بين المرشحين الاثنين ، وهو ما عكسته تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من ان العلاقات الإسرائيلية الأمريكية ستبقى متينة وستتعزز خلال السنوات المقبلة. ولا يمكن الاغفال هنا عن مدى قوة الناخب والإعلام اليهودي في الانتخابات الامريكية ،كما لا يمكن فصل الولايات المتحدة الامريكية عن اسرائيل، فجزء من الامن القومي الامريكي مرتبط بالأمن الاسرائيلي، وبذلك يعتبر نتنياهو احد رهانات السياسة الامريكية الداخلية وليس فقط الخارجية.
والاهم من ذلك ان الملفات الخارجية لا يمكن أن تُربح مرشحا ما ، لكنها يمكن أن تُخسّر شخصا ما ،فالرئيس الامريكي الحالي باراك أوباما نجح لأنه بنى حملته الانتخابية على ملف خارجي وهو عودة ابناء امريكا من المستنقع الافغاني والعراقي . وعليه فالسياسة الخارجية اذا كانت فاشلة يمكن ان تساهم في فشل المرشح لكنها لو ناجحة لن تؤثر في حظوظ نجاحه، لان القضايا الداخلية هي المحدد الرئيسي في الانتخابات الامريكية .
صحيح ان المواطن الامريكي يهتم بالأمريكيين الموجودين في الخارج بعد العلميات الارهابية و ارتباط امريكا بمحاربة الارهاب في منطقة الشرق الاوسط، لكن من الصعب جدا التنبؤ بتأثير محاربة داعش على موقف الناخب الامريكي. فهناك منحنى شبه دائم تقريبا منذ الانتخابات بعد الحرب العالمية الثانية وهو طغيان الملفات الداخلية على الملفات الخارجية
وبين ترامب الذي اثارت تصريحاته حول المسلمين والجاليات المهاجرة مخاوف من تبنيه سياسات متطرفة حال فوزه بالرئاسة، وبين كلينتون مشروع اول امراة في البيت الابيض ، يبقى الرهان على ماذا اعدّت دول منطقة الشرق الاوسط من تحركات وخطط لان تضمن البقاء على وتيرة التحالف مع الولايات المتحدة في مواجهة الارهاب العابر للحدود وتجنيب المنطقة التدخلات الايرانية المستمرة وايجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية و مفتاح الحل للازمة السورية المعقدة .
وجدان فهد
wejdanjassim@