الفريق خليفة حفتر الذي عينته الحكومة الشرعية في شرق ليبيا أخيراً وزيراً للدفاع ثم قائداً للجيش الليبي يسيطر مع جيشه الخاص على شرق البلاد، و»فجر ليبيا» التي تضم جماعات متطرفة وأخرى إرهابية تسيطر على غرب ليبيا، والعرب والمسلمون منقسمون بين هذه وتلك. أو ربما هم ليسوا منقسمين وإنما أرى في ليبيا مَثلاً آخر على سياسات تخدم أهداف أصحابها وقناعاتهم لا أي مصلحة قومية. مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تؤيد الحكومة الشرعية في شرق ليبيا، وأنا أؤيد هذه الدول العربية في موقفها وأعتبره صحيحاً وأطالبها بزيادة التأييد، بل أطالب مصر بتدخل عسكري مباشر في ليبيا، بمساعدة حلفائها العرب. تركيا وقطر تؤيدان «فجر ليبيا»، أي تلك العصابات المتطرفة والإرهابية التي أعلن بعضها الولاء لـ «داعش»، ليثبت أنه إرهابي مثلها. تركيا رجب طيب أردوغان لن تعود لتفرض سيطرتها على الدول العربية باسم عثمانية جديدة. وقطر أصغر من أن تصبح دولة عظمى، أو دولة مؤثرة في سياسات المنطقة، وعدد المواطنين فيها أقل من نصف سكان حي شبرا في القاهرة. أحاول الموضوعية فأؤيد الدول العربية التي تؤيد الحكومة الشرعية، ثم أسجل ملاحظات على خليفة حفتر فماضيه العسكري والسياسي والشخصي غير مشجع، من دون أن يمنع هذا تأييدي دعوته رفع حظر السلاح عن ليبيا. هو شارك في انقلاب «الفاتح من سبتمبر» سنة 1969، والقذافي قال يوماً إنه يعتبره مثل ابنه. سمع الناس باسم حفتر أول مرة بعد الحرب سنة 1987 بين ليبيا وتشاد، فهو قاد القوات الليبية التي تفوقت تفوقاً هائلاً على القوات التشادية في السلاح. إلا أنها خسرت الحرب أمام عسكر يستعملون أسلحة من مخلفات الحرب العالمية الثانية ومعهم مستشارون عسكريون فرنسيون، وقتل ألوف الجنود الليبيين، وأسِرَ حفتر مع حوالى 400 من جنوده، وأنكر القذافي وجودهم، ولم يحاول التفاوض للإفراج عنهم. خليفة حفتر انضم سنة 1988 إلى الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وأفرجت عنه تشاد، وحاول تنظيم انقلاب على القذافي وفشل، وهاجر إلى الولايات المتحدة حيث أقام قرابة عقدين، وعمل لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي). وقد أنكرته الوكالة أخيراً بسبب زيادة أعمال القتل. بعد سقوط القذافي عاد حفتر إلى ليبيا، وأسس جيشاً أثبت قدرته، إلا أن مستقبل ليبيا يظل أسود قاتماً، والقتل يمارسه الطرفان، حتى أن ميليشيات «فجر ليبيا» قتلت في صيف 2014 بعد السيطرة على طرابلس مئات من خيرة المواطنين، من قضاة ومحامين ومثقفين، فأرى أن الحكومة الشرعية وحفتر أهون الشرين. وقد طردت بريطانيا جنوداً ليبيين كانوا يتدربون في أراضيها بعد أن اعتدوا على نساء قرية، وطرد الأردن جنوداً ليبيين بعد أعمال شغب وحرق احتجاجاً على تأخر طائرة. ولم تدرب فرنسا ألوف الليبيين كما وعدت وإنما عشرات منهم ثم توقفت. أحاول البحث عن قشة أمل في كومة اليأس الليبية، وأسجل وجود الجمعية الدستورية التي تضم الطرفين من شرق ليبيا وغربها، وهي برئاسة علي الترهوني، أستاذ الاقتصاد صاحب السمعة الطيبة. أسجل هذا ثم أقول إن زمن المعجزات ولّى وربما تولي ليبيا معه. *نقلا عن "الحياة"