يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية لن يحتاج وقتًا طويلًا قبل أن يسقط ، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة حالات انشقاق وتمرد في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بـ"داعش"، كان آخرها عملية فرار عشرات السجناء أمس من سجن تابع للتنظيم في بلدة الباب شمال سوريا، قيل إنها تمت بمساعدة عناصر من داخل "داعش". وقبلها وفي نفس المنطقة حاول عشرة من عناصر "داعش" الفرار إلى بلدانهم عبر الحدود التركية قبل أن يقتل عدد منهم ويعتقل البقية كما يجري الحديث عن فرض داعش حظر تجول في مناطق خاضعة له في محاولة للسيطرة على الأوضاع. ويرى مراقبون أن تنظيم "داعش" خسر جزءا من المتعاطفين معه بعد هزيمته في كوباني وبعد حادثة إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا. وخلال العام الماضي لقي أكثر من 120 عنصرا من التنظيم أعدموا العام الماضي لدى محاولتهم الفرار والعودة إلى بلدانهم.. ونقلت صحيفة "وول ستريت" الأمريكية عن مقاتلين تمكنوا من الفرار من "داعش" مؤخرا، انتشار الوحشية والفساد داخل التنظيم وتمييز في التعامل بين مقاتليه. إذ يحظى الأجانب منهم بمناصب وأجور أفضل من غيرهم. لكن حسن أبو هنية الخبير الأردني في قضايا الإرهاب يقلل من أهمية هذه المعطيات ويرى أن "داعش" مازال تنظيما متماسكا يملك جهازا أمنيا وعسكريا واستخباراتيا قويا، وحالات الانشقاق هذه تبقى حالات تمرد فردية. ويقول "التمييز بين المهاجرين في صفوف التنظيم سواء كانوا من أصول غربية أم لا موجود داخل داعش رغم أن المقاتلين العرب خاصة الخليجيين منهم حاضرون بقوة في الصفوف القتالية الأولى وينفذون الهجمات الانتحارية بينما يقول خبير أمني عراقي رفض الكشف عن اسمه لمعهد واشنطن " بالرغم من أن الجزء الراغب بالانسلاخ عن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" والعودة للحياة المدنية قليل نسبياً في الوقت الحالي، إلا أن هذا الأمر يزداد يوما بعد يوم لاسيما بعد اشتداد زخم المعارك ضد الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية". أما الصحافي والخبير الألماني في شؤون الإسلام والشرق الأوسط فيليب هولتمان فيرى أن معظم الخلافات الداخلية التي تدور حول المحاباة والتفضيل لا تخرج إلى العلن. ويرى بعض المحللين أن تنظيم "الدولة الإسلامية " يعمل وفق الخلايا العنقودية التي ترتبط وتتعقد كلما تم الصعود إلى الأعلى، بحيث لا يمكن أن يتحرك التنظيم إلا عبر هذا النظام. وعندما قامت قوات التحالف الدولي بقصف مواقع حساسة للتنظيم في العراق والتي راح ضحيتها والي الموصل، لم يحدث فقط تراجع نفسي لأفراد التنظيم بل كان هناك تراجع تكتيكي أيضاً. كما حدث في منطقة القيارة ( جنوب الموصل ) العام الماضي . يذكر أن قيادات ومقاتلي التنظيم الأوائل (الخط الأول) والمدربين باحتراف عقائدي وعسكري يتعرضون للتصفية واستهلاك كبير في الجبهات الأمامية يومياً. هذا الأمر أدى إلى استبدال الأجانب من المعارك الضارية والمناطق الخطرة بمقاتلين عرب وهذا ماأكده منشقين عن الدولة الإسلامية لصحيفة واشنطن بوست والذي نقلته دويتش فيليه. فضلًا عن تحويل الشرطة الإسلامية والحسبة إلى مقاتلين في الجبهات الأولى الأمامية بسبب النقص الحاد والاستهلاك الكبير لقيادات التنظيم والعناصر المدربة بشكل جيد، ومقتلهم في المعارك والجبهات المتعددة داخل العراق وسوريا.. ويقول الصحفي الألماني هولتمان لدويتش فيليه أن التنظيم لم يكن أبدا موحد الصف بالشكل الذي يروج له فهو عبارة عن مزيج من ميليشيات وجماعات بعيدة عن التوافق. وهو ما يتفق معه أبو هنية بالقول "هناك سوء فهم لهوية التنظيم فالـ 15 ألف مقاتل الذين نتحدث عنهم هم الحلقة الضيقة من مقاتلي النخبة والجهاز الإداري البيروقراطي للتنظيم، لكن منذ استيلاء داعش على الموصل أصبح التنظيم يضم جماعات كثيرة مختلفة وهناك حديث اليوم عن وجود 120 ألف مقاتل على عدة جبهات وسيطرة التنظيم على 7 ملايين شخص يفرض عليهم الأجندة التي يريد". حسب قول الخبير الذي لم يوضح مصادر الاحصائيات التي ذكرها وعلى الرغم من أن التنظيم يعتقد أنه قادر على مجابهة أي طرف يريد أن يواجهه بالنظر إلى إعداد عناصره إلا أن حساب القوة والقدرة بهذه الصورة سيجعل التنظيم يشعر أنه يمتلك زمام التفوق والمبادرة، في حين أن الحقيقة العسكرية والعملياتية تشير عكس ذلك تماماً وهذه الطريقة في حساب القوة غير صحيحة وتؤدي غالباً إلى مهالك كبيرة ويسيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على مساحات واسعة في العراق وسوريا، وهي مناطق فيها عدد من المدن المهمة والإستراتيجية منها الموصل وتلعفر في العراق ومدينة الرقة السورية التي يتخذ منها التنظيم عاصمة لدولة الخلافة كما يطلق عليها