2015-10-10 

الحل العسكري في سوريا لم يعد مجديا وحان وقت الحوار

من القاهرة، مختار أبو مسلم

لا طرف رابح في الأزمة السورية، هكذا يرى المحللون، كما يعاني الملايين من السوريين النازحين، فضلا عن سقوط 200 الف قتيل منذ بدء النزاع الذي دخل عامه الخامس دون أفق للحل القريب. وفي مراحل مبكرة من النزاع كان من الواضح أن المعارضة في الخارجة، والداخل المسلحة، والغرب أن إسقاط رأس النظام السوري بشار الأسد وأعوانه هو الحل للأزمة السورية، خصوصا في ظل التقدم الذي كانت تحرزه المعارضة المسلحة حينها. أما بعد التدخل الإيراني الميداني، ووقوف روسيا دون تدخل عسكري غربي كان وشيكا، وظهور تنظيم داعش الذي راح يلتهم الإنجازات التي انجزتها المعارضة المسلحة، ضمن للأسد كرسيا على الطاولة ورقما في المعادلة. وصار الحل السياسي في سوريا مطروحا ربما أكثر من الحل العسكري إذ قال مسؤول في الخارجية الأميركية، ووفقاً لجريدة "الحياة،" أن كيري، الذي التقى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، زار روسيا للبحث في "إمكانية الدفع بحل سياسي في سورية،" ويقول الصحفي والباحث السوري أحمد بيطار إن بقدر التعقيد الموجود في الحالة السورية، يبقى هناك أفق للحل في حال فهم الجميع بأنه "لا يجب أن يكون هناك رابح واحد، وبأن هناك إمكانية للعمل على حل مريح للجميع. الكل يدرك بأن إسقاط النظام السوري عبر العنف سيؤدي بالبلاد إلى وضع شبيه بالوضع العراقي والليبي. ويعتبر بيطار في مقاله الذي نشره منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ضمن ملف عن حل الأزمة السورية أنه لا يوجد معارضة فعلية يمكن أن تدير سوريا بنجاح، وبأن ما يقال عنهم معارضون لا يملكون ثقل حقيقي على الأرض. ويطرح بيطار الحل الوحيد للأزمة السورية، كما يراه، والذي يتمثل بانشاء حكومة انتقالية تتألف من جماعات محسوبة على المعارضة والموالاة مع تأمين مخرج "مشرف" للرئيس السوري وبعض أركان النظام. وعندما يتم ضبط وضع البلاد وتأمينها من السلفيين وحصر السلاح في يد القوى الأمنية سيقوم بمقدور سوريا التقدم إلى الأمام. أما عن اللاعبان الدوليان الكبار فيقول إنهما يدركان - الطرفان الأمريكي والروسي - بأن لا سبيل لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وباقي التنظيمات المتطرفة في سوريا إلا بجيش منظم على الأرض مدعوم بعمليات استخباراتية وطيران ونظم مراقبة. ومع بقاء الرئيس السوري في السلطة، فإن التعاون مع الجيش السوري مستحيل. وبالتالي لا بد من حل يضمن الحفاظ على الجيش السوري إنما دون القيادة العليا. بالنسبة للطرف الروسي، الحفاظ على مصالحه ونفوذه – بما في ذلك القاعدة البحرية في الساحل السوري – أهم من الشخصية التي تدير البلاد. لذا يمكن، وفي حال جرى ضمان المصالح الروسية، التوصل إلى صيغة حكومة مرضية للجميع. وفيما يبدو أن الملف يرى أنه لابد من إشراك الأسد ونظامه في الحل – إذ هذا ما يفرضه الأمر الواقع. بل وصل الكاتب صفوان داؤود إلى التعويل على النظام أكثر إذ يرى أنه أكثر تجرؤاً في قبول الحوار من المعارضة السورية، بغض النظر عن الأسباب التي دفعته إلى ذلك. وبالتغاضي كذلك عن شكلانية الكذب والصدق، سعى النظام إلى إطلاق عدد من اللقاءات الحوارية متجاوزاً سلوك العناد الذي كان ينتهجه سابقاً، عبر إعلان صريح للرئيس السوري في خطاب له في يناير 2013، عن عدم جدوى الحل العسكري، وضرورة الحوار دون شروط مسبقة، والوصول إلى منظومة توافقية قانونية وسياسية. على حد تعبيره. وفي مقاله الذي حمل عنوان " يتوجب على الولايات المتحدة وروسيا إيجاد حل للنزاع السوري" يشير إلى أنه لاتزال الأطراف مقتنعة أن هناك إمكانية للحسم العسكري كوسيلة وحيدة متاحة، دون أي جهد مناسب في العملية السياسية. ولا تزال الأطراف المتصارعة تعمل بقناعة مفادها أن الدعم الخارجي، سواء كان الروسي والإيراني للنظام السوري أو الدعم التركي والسعودي للمعارضة، يمكن أن ينهي الصراع عسكرياً لصالح أحد الطرفين. وبناءا عليه الأزمة السورية تتجه نحو مسارات خطرة، ليس على المستوى الداخلي فقط بل على المستوى الاقليمي أيضاً. ومع استغلال المجموعات التكفيرية الأصولية للوضع الأمني المتخلخل في سوريا لتوسيع قاعدتها الشعبية وترسيخ إيديولوجيتها العبثية على مستوى المشرق ككل، يُفترض من دول مجلس الأمن الدولي، خاصة الولايات المتحدة وروسيا، لما لهما من مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، العمل السريع على ضبط الواقع السوري.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه