في كل مرة تكون حزمة القرارات التي يصدرها ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، تقدم دروسا مجانية ونماذج محاكاة عن كيفية إدارة الدولة وتعزيز ثقة المواطنين في قادتهم ، لأن كل قرار ورائه دافع مقنع ونتيجة مرتقبة .
لقد كان السعوديون هذا الاسبوع مع قرارات ملكية جديدة اثلجت صدورهم، وعمت فرحتها على الشعب الذي بايع مليكه، تمثلت بإعادة المكافآت لموظفي الدولة المدنيين والعسكريين التي كانت قد ألغيت أو تم تعديلها سيما وأنها تتزامن مع قرب حلول شهر رمضان المبارك والعيد ، بما يبشر بانفراجه مادية وتسهيل قضاء الحوائج على الأسر السعودية .
كما تضمنت قرارات الملك تعيين أمراء مناطق وتغييرات وزارية و دبلوماسية ،وجميعها قرارات تعكس جهود جبارة يقوم بها القائد الملهم على صعيد ترتيب بيت الحكم السعودي وفق أسس وقواعد وتنظيم ، واسناد الوظائف الحساسة للجيل الشاب ، كل ذلك بتجرد من أي محسوبية أو تعاطف او تسويف في الفرص .
وتتساوى القرارات الداخلية لخادم الحرمين مع رؤيته السياسية وتحركاته لإعادة التوازن السعودي مع دول القرار والهيمنة الاقتصادية ، والعمل على صياغة التفاهمات العسكرية والاستراتيجية كالحد من انتشار الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل، والتحالف من أجل محاربة الارهاب والتطرف.
ولكن أكثر ما يبرز في كل هذه القرارات الملكية الحاسمة التي يصدرها الملك سلمان أنها ترسخ للعدالة الاجتماعية واقعيا دون الحاجة لإملاءات خارجية او ما يتشدق به دعاة حقوق الانسان ، حيث أن قرار اعفاء مسؤول من منصبه حال ثبوت تورطه في قضايا فساد ورشى او إهماله وتخاذله في حمل اعباء المسؤولية والمهمة المناطة به تأديتها على اكمل وجه، هو قرار بلا شك يضيف الشيء الكثير للعدالة الاجتماعية ويعززها في أذهان افراد المجتمع ، سيما وإن كان هذا المسؤول المعفى من منصبه لديه حظوة وارتكازه اسما ونسبا و محسوبية .
ولعمري هذا هو الجذر الذي تستقيم من بعده فروع التنمية في شتى مجالاتها ، فمتى ما استشعر الفرد المسؤول أن عيونا تراقبه على الارض في عمله وتقيّم ادائه حتما سيحاسب نفسه قبل أن يحاسبه غيره على كل فعل يصدر عنه ..فالإنسان بطبيعته يميل لإشباع شعور الاعتزاز والتقدير الذاتي ، أما النقد والانتقاص فهو شعور ترفضه وتقاومه النفس البشرية.. فما بالكم لو كانت تصرفاته تحت الأضواء حين يكون في موقع المسؤولية ؟! إلا أن الاعتزاز الذاتي بالأفعال الفردية تغذيه ردود الفعل المتلقية ، والعكس تماماً إذا فقد المرء تلقي ردود الأفعال التي يقيس عليها ادائه تمكن اليأس منه والإهمال والتقاعس في تأدية مهماته وواجباته وهو في موقع المسؤولية.
من هنا وجبت المسائلة والمحاسبة وهي ثقافة اجتماعية تنشط بنشاط تفعيلها سلوكيا ملموسا لا كلاما مبهرجا ، والمسائلة لها قواعد واشتراطات تبدأ اولا بأداء الشخص الذي يُسائل بأداء واجباته حتى تكون العملية موزونة بين طرفيها السائل والمسائل، ثم أن المسائلة تقتضي التدرج في الاشياء المسائل عنها حتى تتحول لثقافة مقدسة في المجتمع وسلوك فاعل .
بالنهاية المسائلة هي ثقافة مجتمعية لا تستقيم إلا بالتطبيق العملي كي تترسخ وتغدو نهجا لايمكن الحياد عنه مطلقا . فماذا لو سادت هذه الثقافة في المجتمع وحس كل فرد بحقه في المسائلة كما هو عليه من التزام بتأدية واجباته قبل ان يباشر في استخدام ذاك الحق .. اشياء كثيرة حينها ستتغير .. وستنعكس بلا شك على مسارات التنمية الشاملة للوطن .
حفظ الله القائد الملهم الملك سلمان وشعبه الوفي
wejdanjassim@