2017-06-08 

اللحظانية: اعلم أن لك ظلاً على الأشياء

سلطان السعد القحطاني

وأنت تعبر هذه الحياة السريعة، تمر بك لحظات من الألم لا يمكنك أحيانا التخلص منها، بل إن البعض منا يقضي في سجنها أياما وشهوراً، فاقدا الأمل في أي تغيير أو بهجة. التحرر من أسر الماضي، والتخلص من أعباء المستقبل، هما المفتاحان الأساسيان لتحيا حياة هادئة، دون أن تخسر صحتك وأعصابك.

 

 

 

يمكن أن أسمي هذا الأمر بـ "اللحظانية". وهي الحالة الإنسانية التي تجعلك تغرق في اللحظة ذاتها، كونها الأمر الوحيد الذي تملك سلطة عليه، فبإمكانك أن تأمر اللحظة بما تريد، وتشكل سعادتك بالشكل الذي تبتغيه، لأن الماضي قطار مضى لن يعود، والمستقبل متغير لا تتوقعه حتى أعتى الخطط الاستخباراتية.

 

 

 

وأنت تعيش في هذه الحياة اللا متوقعة، عليك أن تمضي على القاعدة التي تؤكد بأن سعادتك منبعها أنت. نعم انت وليس الأشياء، ولذلك لدي قناعة بأن الإنسان له ظلٌ على الأشياء والأحداث من حوله، يستطيع أن يشكلها كما يريد، ويصنع منها حزناً، أو بهجة. عش بهذه القناعة. تعلم أن لك ظل على الأشياء، وحين تعمل النظر في حياتك ستجد العديد من الشواهد التي تعزز من ذلك.

 

 

 

كم منا شرب كوباُ من القهوة وأعتبره أجمل كوب قهوة شربه في حياته؟. أنت أنت والقهوة هي القهوة، لكن ظلك السعيد وقتها ارتمى على الكأس والقهوة، فصنع منهما سعادة لا مقياس لها. وكذلك المدن، والرحلات، والأصدقاء إذا أردت أن تقيس.

 

 

 

نحن نعيش في عصر مزعج، سريع، وقاسي، وحين نفشل في التعامل معه بذكاء وفق قواعد الحياة، فإن انعكاسات ذلك كثيرة على النفس والجسد والعطاء كذلك. هذا الأمر الذي يجعل من طريقة تعاملنا مع الحياة، المفتاح الرئيسي الذي يمكننا من أن نحيا حياة سعيدة، وأن نكون طاقة إيجابية تنثر السعادة من حولنا.

 

 

 

تمرُّ بك أمثلة حزينة من أحباء قرروا قطع الصلة بالحاضر، والتحسّر على الماضي، والقلق من المستقبل، وفي هذه الدوامة القاتمة نسوا أن يحيوا الحياة التي بين أيديهم. نسوا أن يستمتعوا بـ "اللحظانية" التي هي أساس الحياة وفكرتها الرئيسية.

 

 

 

تعلم التعامل مع الكون بحب، وحين تهدي الحياة وردة، سترى حديقة تطرق بابك، لأن الكون ينبع من داخلك، ومن خلاله تستطيع أن تختار شكل الحياة التي تريدها. أن تأمر محيطك الإنساني بأن يكون إيجابيا مثلك. وحين تطور مهاراتك في التعامل مع الحياة، سترى النتيجة الفعلية بأسرع مما تتوقع.

 

 

 

المهم أن تحذر من أولئك الذين يسحبون منك الطاقة الإيجابية بالتذمر، والتحسّر، والقلق. أن تبتعد عن التجمعات التي لا ترى سوى القبح في الحياة. أن تهرب من الذين يتشاءمون ليلاً ونهاراً، ويقلقون من أمور لا تستطيع أنت ولا هم تغييرها.

 

 

لن تغير الماضي، ولا تملك القدرة على التحكم بالمستقبل، فلا عليك سوى أن تحيا "اللحظانية" وتترك القدر يرسم خطته.

 

 

تذكر أن لك ظلاً على الأشياء، وتذكر أجمل كوب قهوة شربته في حياتك!

 

 

* نقلا. عن مجلة القافلة الصادرة عن شركة أرامكو 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه