الذين يعرفون قطر جيداً وسياسيها جيدا لم يتفاجئوا من الرفض السريع الذي قدمه أمير قطر الشاب للمبادرة الأمريكية بحل الخلاف الخليجي، ذلك أن خشيته الحقيقية هي مغادرة الدوحة في هذه الظروف وسط تصاعد الخلافات الداخلية، الأمر الذي يجعل من عودته أمراً شبه مستحيل كما حدث مع جده.
وقال الأمير الشاب إنه لا يستطيع التحرك في الوقت الذي تعاني فيه بلاده من حالة حصار من جيرانها حسب زعمه، بينما ينشط التلفزيون القطري وخلاياه الإعلامية في بث صور الطائرات والسفن القادمة والمتوجهة إلى قطر من كل من إيران وتركيا وغيرهم من الدول المحببة إلى قلب قطر وأميرها.
وتشهد قطر خلافات شديد داخل الأوساط السياسة وفي بيت الحكم، إذ يرى كثيرون أن نشاطات الأمير الأب قد تسببت في خسائر كبيرة لبلادهم، لو أنفقت على تطوير البلاد لأصبحت قوة اقتصادية لا يستهان بها في المنطقة، بينما يرى البعض الآخر أنه لابد من حل الخلاف بأسرع الطرق كيلا تتضرر ميزانية الدولة.
وقام أمير قطر بإجراءات تعكس حالة عدم الاطمئنان ذاتها التي تمنعه من مغادرة الدوحة، مثل تغيير الحرس الخاص ونقل بعض القيادات العسكرية، إلى حد قالت فيه مصادر مطلعة إن ضباط استخبارات أتراك بدؤوا في إعادة ترتيب الإجراءات الأمنية لحراسة الأمير وتحديد مخطط سيره وأماكن إقامته.
وتواجه الدوحة مقاطعة خليجية وعربية ودولية بسبب ارتباطها بتمويل الإرهاب ودعم الجماعات الإرهابية في المنطقة، وكذلك سعيها إلى زعزعة استقرار دول الخليج العربي، والتقرب من إيران وتركيا.
ولعل طول الأزمة سيفتح الباب على مصراعيه أمام غضب شعبي قطري على نظام الحكم الذي سيجعل آل ثاني ملزمين بالبحث عن بديل للأب والابن، والعودة إلى المحيط الخليجي بأقل الخسائر.