بعد جهود مكثفة طوال السنة الماضية، ونشاط سياسي وديبلوماسي فعال، نجحت القيادة المصرية في إقامة المؤتمر الاقتصادي (مصر المستقبل) في شرم الشيخ، وسط حضور ممثلين عن كل دول الكرة الأرضية تقريباً في القطاع العام والخاص، ليطلعوا على الرؤية المستقبلية التي رسمتها الحكومة المصرية لما ستكون عليه (مصر المستقبل). إذ المشاريع العملاقة والأفكار الخلاقة، التي ستكون -بطبيعة الحال- مغرية لشركات الاستثمار العالمية التي شاركت في المؤتمر؛ لأن هذه الشركات عادة لا تدفع صدقات أو هبات مجاملة إلى أحد، وإنما تضخ أموالاً لتجني من ورائها أرباحاً وفق معاييرها التجارية، ومجرد حضور ومشاركة شركات استثمار عملاقة في المؤتمر، يدل بأن تلك الشركات جاءت إلى مصر، وهي واثقة بنظامها السياسي وبالمنظومة القانونية والقضائية والأمنية التي ستحمي استثماراتها، فهي لا يمكن أن تغامر بالاستثمار في مناطق غير مستقرة سياسياً أو أمنياً، بغض النظر عن أي اعتبارات سياسية قد تعتنقها الدول التابعة لها تلك الشركات، لذا فإن المشاركة الكثيفة من شركات القطاع الخاص تؤكد فشل محاولات جماعة الإخوان الإرهابية في خلق حال ذهنية لدى المؤسسات الغربية بأن مصر ما زالت تعاني حال انعدام الأمن، ومن ثم لن تكون بيئة آمنة للاستثمار، وهو ما سيعوق الحكومة من تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، ويتسبب في سقوطها وعودة (الرئيس الغائب) إلى عرش خلافته، وكان رهان كوادر الإخوان وأبواقهم الإعلامية تستهدف إجهاض المؤتمر بوسائل عدة، كان أحدها تكثيف أعمال الإرهاب واستهداف الآمنين ومؤسسات الدولة، وآخرها محاولة دق إسفين بين القيادة المصرية وبعض دول الخليج الداعمة لمصر من خلال حركة (التسريبات) الغبية، التي تبين إلى مدى وصلت درجة الغباء السياسي الفاخر لهذه الجماعة، ومن يقف وراءها من مؤسسات إعلامية موجهة تخلت عن أبسط قيم الإعلام، وأصبحت أداة طيعة لمن ينتهج العنف والإرهاب، لمجرد رغبتها في الانتقام الذي تملكها بعد فشل مشروعها؛ فأصبح المتحكم في إدارة تلك المؤسسة الإعلامية التي ما زالت إلى ليلة البارحة يبثون تسريبات إعلامية للوقيعة بالنظام المصري وقيادته، في حال متقدم من الانفصال عن الواقع والانغماس في أحلام اليقظة التي لا تريد الخروج منها والتصالح مع الواقع. المؤتمر الاقتصادي لدعم مصر -بعيداً عن أهميته الاقتصادية والتنموية لمصر- يشكل أهمية سياسية لا تقل شأناً عن الجانب الاقتصادي؛ إذ إن اجتماع كل هذا الحشد السياسي الذي يمثل معظم دول العالم، إضافة إلى المؤسسات الدولية ويجمعون على دعم الدولة المصرية بقيادتها الجديد، يؤكد أن الدولة المصرية نجحت في ترسيخ شرعية ثورة يونيو وما تمخض منها، وترسيخ كل خطوات خريطة الطريق، ويؤكد أن الدولة المصرية تجاوزت كل ذلك الجدل البيزنطي العقيم، الذي أثاره خصوم تلك الثورة المجيدة، سواءً أكانوا من «الإخوان» أم من المحللين السياسيين المتعاطفين معهم المتملقين لجماهيرهم، فالعالم أصبح أمام دولة لها حكومة شرعية، ودستور مستفتى عليه من الشعب، ورئيس منتخب، ورؤية تنموية عرضت تفاصيلها في المؤتمر الذي سيكون قنطرتها إلى المستقبل، تاركة الماضي وراء ظهرها يتعارك فيه الصغار، ويتبادلون فيه (التسريبات) ويطلقون الشتائم، وكما قالت العرب: «أوسعتهم سباً وأودوا بالإبل». *نقلا عن "الحياة"