أنهى أردوغان جولته الخليجية بفشل متوقع في إنهاء الأزمة بين قطر وجيرانها، لكنه قد يكون نجح في تحقيق أهداف أخرى خفية من هذه الجولة.
صحيفة المونيتور أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرياض بوست أكدت فيه أن اردوغان كان يعي جيدا، أن وساطته ستلقى نفس مصير وساطة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون ووساطة نظيره الفرنسي جون لو دريان وكذلك الوساطة الكويتية التي لم تنجح حتى اليوم في نزع فتيل الأزمة بين قطر وجيرانها.
توقعات عكستها تصريحات أردوغان، قبل مغادرته إلى الخليج، إدراكا منه بأن هناك مجالا محدودا لإسهام تركيا في حل هذه الأزمة، حيث أكد الرئيس التركي "نؤيد جهود الوساطة التي يبذلها امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح"، مضيفا "بدءا من الولايات المتحدة..نجد ان انشطة المجتمع الدولى مفيدة"، معربا عن امله فى ان تؤتى هذه الجهود ثمارها.
هذا و أشار أردوغان في تصريحاته إلى أن السبب الرئيسى لزيارته للخليج هو الازمة القطرية ولكن هناك أسبابا أخرى وراء محادثاته رفيعة المستوى وخاصة فى الرياض، حيث يشير التقرير إلى أن السبب الرئيسي للجولة هو حاجة أردوغان للسيطرة على الأضرار فيما يتعلق بعلاقات تركيا مع المملكة العربية السعودية خاصة بعد إعلان أنقرة موقفا مؤيدا لقطر في هذه الأزمة.
ومرد شعور أردوغان بأن علاقات تركيا مع السعودية تضررت كثيرا بسبب موقف أنقرة من الازمة ومساندتها قطر هو موقف الصحف السعودية التي إنتقدت الموقف التركي من الأزمة أولا لإنحيازها للدوحة وثانيا بسبب توتير الخلاف أكثر من خلال إرسال قوات عسكرية الى القاعدة العسكرية التركية في قطر.
وفي ذات السياق وصف ياسين اكتاي، وهو نائب من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي يقوده اردوغان أن "الحملة في الصحافة السعودية ضد تركيا غير عادلة ".
و يظهر هدف أردوغان في محاولة التخفيف من تصدع العلاقات السعودية التركية من خلال عباراته التي أشادت بالسعودية والملك سلمان، فقبل مغادرته تركيا لإجراء جولته الخليجية، أشاد أردوغان بالرياض والملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود قائلا للصحفيين أن المحطة الاولى ستكون السعودية التي وصفها بانه "بلد كبير وحكيم في المنطقة". واضاف "بصفته الاخ الاكبر في منطقة الخليج، فان على السعودية واجب حل الازمة في الخليج، مضيفا كما قلت في عدة مناسبات، يترأس الملك سلمان قائمة الشخصيات التي بإمكانها حل هذه الازمة ".
وفي الوقت الذي تعتمد فيه تركيا على علاقاتها الاقتصادية الواسعة والمتنامية مع قطر، فإنها لا تستطيع أن تقوض روابطها الاقتصادية والسياسية ذات الأهمية نفسها مع دول الخليج الأخرى، خاصة في الوقت الذي تستمر فيه علاقاتها مع الغرب في التدهور.
كما تلاحظ أنقرة مع عدم الرضا كيفية قيام مصر بخطوات دبلوماسية في المنطقة على سبيل المثال، في سوريا ، و تعميق القاهرة علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي كلاعب إقليمي رئيسي، فخلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لبروكسل هذا الأسبوع أعربت رئيسة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني عن رغبة الاتحاد الأوروبي في التنسيق الوثيق مع مصر بشأن الجهود المبذولة لحل الأزمات في ليبيا وسوريا والخليج.
وعن نتائج الجولة خصوصا في علاقتها بأهداف اردوغان الخفية يشير البروفسور مينسور أكغون من جامعة اسطنبول إلى إنه من الخطأ القول أن جولة أردوغان الخليجية كاتت فاشلة، مضيفا "في البداية، خففت تركيا بعض الضغوط عليها، تلك التي نجمت عن الوقوع بين قطر والمملكة العربية السعودية"، مشددا "اظهرت الجولة ايضا ان القوات التركية ستبقى في قطر لان طلب المملكة العربية السعودية وحلفائها فيما يتعلق بهذه المسألة يبدو انه أسقط".
وقال اكغن إن زيارة اردوغان اظهرت ايضا انه ليس من السهل قطع علاقات تركيا مع السعودية.
وهو ما يوافقه فيه السفير المتقاعد مراد بلهان، الذي أكد بأنه "لا يمكن لتركيا أن تخاطر بعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية، وهي أهم دولة في منطقة الخليج"، مضيفا "أنه من المستحيل انتاج سياسة خليجية متماسكة دون إقامة علاقات جيدة مع السعودية".