تعتبر شركات تشايبول الواجهة الاقتصادية وحجر الأساس لنهضة كوريا الجنوبية والسبب في انتشال كوريا من الفقر لتصبح قوة اقتصادية متقدمة.
تعرضت كوريا لأزمات كثيرة سواء خلال فترة الاحتلال من قبل اليابان التي استمرت لمدة 36 سنة، أو بعد الاستقلال والانقسام إلى كوريتين شمالية وجنوبية ثم دخولهما في صراع عسكري استمر بينهما لمدة ثلاث سنوات (1950-1953)، وهو مانتج عنه دمار لمعظم القطاعات الحيوية و أدى إلى تدني إجمالي الناتج المحلي في كوريا الجنوبية إلى 2.3 مليار دولار وتدني مستوى دخل الفرد حينها ليكون 50 دولار سنويا.
بدأت بعد ذالك كوريا الجنوبية في بناء اقتصادها من جديد، وفي الستينات وضعت الحكومة خطة اقتصادية لمدة 5 سنوات وقام الرئيس "بارك تشونغ هي" بتطوير نظام مشابه لنظام "زايباتسو" في اليابان، أن يكون هناك شركات عائلية متنوعة لها نفوذ وسيطرة على أجزاء كبيرة في الاقتصاد. ويتم توجيهها للعب دور واسع في التنمية ومساعدة الحكومة في تنفيذ خططها الاقتصادية. فأصبحت الشركات العائلية الضخمة (تشايبول) تساهم بأكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي للدولة وتحولت كوريا الجنوبية من دولة تعتمد على الزراعة إلى دولة صناعية بإجمالي ناتج محلي تجاوز 1.4 تريليون دولار و مستوى معدل دخل للفرد تجاوز 29 الف دولار سنويا.
هل يمكن أن يكون لدينا تشايبول سعودي؟
وللإجابة لابد من العودة لما كشف عنه الأمير محمد بن سلمان نائب خادم الحرمين الشريفين في لقاء له، حيث أكد على أن هناك برنامج الإستثمار الذي يسعى لتحفيز 100 شركة وتحويلها من شركات محلية إلى شركات إقليمية وعالمية، كما أن رؤية السعودية 2030 انطلق منها برنامج ريادة الشركات الوطنية وهو لتحفيز أكثر من 100 شركة وطنية لديھا فرص واعدة في الريادة الإقليمية والعالمية، لتساهم في رفع المحتوى المحلي، وتنويع الاقتصاد، وإنماء الشركات الصغيرة والمتوسطة، وخلق المزيد من فرص العمل المحلية.
وقد صرح الأمير محمد بن سلمان بأن فاتورة الواردات من الخارج تتجاوز 230 مليار دولار، حيث تنفق الحكومة بين 50 و 70 مليار على التسليح العسكري، كما يتم إنفاق 30 مليار دولار تقريبا من قبل الحكومة و المواطنين على مشتريات السيارات سنويا. هذه الفاتورة الضخمة تحتاج معها الحكومة إلى توجيه وتحفيز الشركات لتكون مساهمة في تطوير صناعة المحتوى المحلي والحد من توسع الشركات التي تساهم في رفع فاتورة الواردات. فعلى سبيل المثال سوق السيارات الذي يتجاوز 30 مليار دولار محتكر لأكثر من 50 سنة لكنه لم يساهم في تقليص فاتورة الواردات. ولم يتمكن من صناعة سيارة سعودية واحدة لتعزف السيمفونية السعودية. بل غلاء غير مبرر وزيادة فرص العمل ولكن لغير السعوديين.
كوريا الجنوبية تبنت سياسات جعلتها قوة صناعية عظمى في فترة قصيرة بدأت بصناعات بسيطة وصعدت سلم التصنيع إلى نهايته. نحن في السعودية وضعنا أول خطوة على السلم لكن الخطوة الثانية مازلت حائرة ومترددة حتى الأن.
لم تتحقق مسيرة الشروع في إنشاء مصانع سيارات سعودية أو السعي لجلب كبرى شركات السيارت العالمية لإنشاء مصانعها في السعودية، لأسباب كثيرة أهمها أن الجهات التي ترغب البدء في ذلك عديمة الخبرة في الصناعة على نطاق واسع أو ترغب الاستفادة من التسهيلات الحكومية وليس على مواردها الذاتية لإنشاء مصانعها، ولذلك، فهم ليسوا تشايبول سعودي.
في كوريا الجنوبية شركة هيونداي (تشايبول كوري) بدأت في مشاريع مختلفة قبل إنشاء فرع لها لصناعة السيارات (هيونداي موتور) عام 1967 وخلال سنة واحدة في عام 1968 تم إنتاج أول سيارة بالتعون مع شركة فورد موتور وتلتها سلسة من الإنجازات لتصبح هيونداي رابع أكبر مصنع سيارات في العالم.
لدينا شركات وطنية متعددة النشاط و لديها نجاحات واسعة في قطاعات كثيرة. كما أن لديها الإمكانيات التي ترشحها لتكون تشايبول سعودي ومحركا فاعلا في تنمية الاقتصاد الوطني.