أشتاق جداً للحوار مع أي شخص، يحمل قضية يؤمن بها كما يؤمن بوجوده على ظهر الأرض، أحترم أي إنسان لديه سلاح الكلمة والرأي، أقدّس جداً أي شخص يجد أن قدره في الحياة أن يمتلك قضية تمثله، سواءً أكانت القضية جوهرها إنساني، أو اجتماعي، أو حتى تتعلق بمجال الفنون، ثمة أناس تجد أن قضيتهم تدبير جنائز سوداء لكي يشبعوا اللطم فيها، وآخرين يجدون أن هناك ثمة أخطاء وعليها أن تعالج فوراً. يعيش صاحب القضية والرؤية، طوال حياته، مقلوباً رأسه على عقبه، يحارب من أجل أفكاره المجتمعية والفكرية بكل الطرق الممكنة، وهو يحاربها لأجل المجتمع الذي يعيش فيه، لا من أجل المزيد من الأضواء وشهوة الشهرة. كل واحد منا يمتلك قضية، لكنه في حقيقة الأمر يجهل تصنيف قضيته، لذا تجده أحياناً يتخبط في توجهاته وأفكاره، لكن الجميل أنه يمتلك القدرة على أن يحمل هماً إنسانياً، يصل أحياناً به لأن يكون فريداً من نوعه، ولكنه لا يمتلك الطريقة التي يصل بها إلى جميع شرائح المجتمع المحلي، لهذا، فهو يحمل قضيته في رأسه، ويتشاركها مع زملائه في العمل، أو في مجالس الأسرة والقبيلة. في حياتي المبكرة من بين الزوايا العرضية والخفية، كنت دائماً أبحث عن الوجوه الثائرة، تلك التي تطالب بضرورة الإصلاح والارتفاع السخي في قيمة الإنسان، ولكني للأسف من النادر أن ألتقي بهؤلاء الثائرين، وربما التقيت بهم، لكنهم خجلوا من البوح بما يجول في داخل رؤؤسهم، في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، كان العالم العربي، يموج في حراك نضالي فاعل ومؤثر، وعلى الأخص من جانب الشباب، كان ما يهم هؤلاء هو الوطن، كان النضال مع الوطن، ومع إبقاءه داخل رحم المنطق، كان الكثيرون من الشاب العربي يشاركون في التظاهرات، وهم مقتنعين تماماً بأنه لربما لن يعودوا إلى الحياة مرة أخرى، لكن ذلك لم يكن يهمهم أبداً، كانت الفكرة هي قدرتهم على فرض أصواتهم مهما بدت آلة تصوير الآخرين معكوسة. كلمة النضال كبيرة، أقرب لأن يكون كحقل للبؤساء والمحرومين، وعلى مدى سنوات بعيدة سبق وأن عايشنا شخصيات حقيقية ملهمة، كان لها الأثر الفاعل في إثارة النظام، والبعض الآخر زج به في السجون لسنوات طويلة، والبعض هرب خارج البلاد، فيما البعض لقي حتفه، دون أن يشعر واحد منهم برهبة الموت، لأنه يدرك بأن حياته قائمة على أن يكون جزء محترم من مجتمعه، لا جزء صامت أو سارق يحاول أن يبدو أكثر احتراماً من الباقيين، ولكن دعونا نفتح حقيبة نضال المرأة، وكيف لنا أن نفهم ماذا يعني مفهوم "ناشطة حقوقية"، هذه العبارة التي لم أستطع أن أقتنع بدورها وعلى الأخص في وطني، ولو سألت أي شابة في المملكة، ماذا يعني أن يكون الإنسان ناشطاً حقوقياً، لتوقفت طويلاً، وفركت مقدمة رأسها، وربما أجابتك بإجابة "نظرية"، لكنها لا تتوافق بالشكل المطلق مع الشخصيات التي اعتدنا على رؤيتهن باستمرار، سواء على شاشات القنوات الفضائية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. أنني ككاتبة أعترف بجهلي الكبير، فيما يعني أن تحمل أي امرأة صفة "ناشطة حقوقية"، فلم أرى حتى الآن أي تصرف فاعل من قبلهم، سوى الثرثرة على ساحات "تويتر" تحديداً، وتهيج الرأي العام، وقد كنت أتابع ناشطة كانت تدعم كل الثائرات، بينما هي تمد رجليها في بيتها، وتشرب قدحاً من القهوة، وتتابع برنامجاً تلفزيونياً، وقد كان دورها الحقيقي يقتصر على أن تكون صوتاً فقط، دون أن تقوم بأداء أي عمل حقيقي لتوجهها النظري. تابعت الكثيرات، ووجدت أنهن عبارة عن "شلة" واحدة، كل واحدة منهن تدعم الأخرى، في حال الهجوم عليهن، ويمتلكن صفة غريبة جداً، يبدوا أن الناشطين السياسيين كانوا أبعد بكثير عنها، إلا وهي صفة الردح، جرب أن تختلف مع أحداهن عن فكرة ما، حتى تأتيك بفرقتها الشعبية، لتبدأ عملها في الصقل والضرب على الطار، بالضبط أنهن عبارة عن فرقة من الطقاقات، مع احترامي الكبير للطقاقات، لأنني أجدهن مبدعات، ويمتلكن مواهب فنية عالية، حيث أنها تمتلك القدرة على إدخال البهجة إلى جميع الضيوف دون استثناء، أما الناشطة الحقوقية، فهي عبارة عن مجموعة من رصاص تم إطلاقه عليها، ألم الرصاصات جعلها تشعر بأن الوطن مدين لها، بكل الآلام التي أصابتها نتيجة طفولة محبطة، أو زواج فاشل، أو نظرة سوداوية. ففي أمريكا تغتصب وتقتل مراهقة، فتقوم أسرتها الملكومة، بالعمل على تكوين جمعية صغيرة، تضم جميع الأسر التي تعرضت بناتها للاغتصاب، ويبدأن بوضح برسم الأهداف والرؤية المستقبلية للجمعية، في محاولة منهم لتوعية المجتمع، وتوعية المراهقات بعدم الخروج ليلاً دون مرافق على سبيل المثال، أو باستعمال بعض أدوات الحماية، وهكذا دواليك، في وطني أكتب فكرة لا تعجب ناشطة، لا تعرف تعليمها أو تاريخها النفسي، لتجدها تأتي إليك بصويحباتها، ويبدأن في الردح العلني، والشيء الذي يمتزن به، هو عدم قدرتهن على تقبل اختلاف أي شخص معهن، كل ما تجده هو العواء، والنظرة الذعرة تجاه الوطن، وكأن الحرب ستقوم بسبب أفكار هم الوحيدات اللاتي عايشنها، للأسف البعض منهن يمتلك ضحالة فكرية خالصة جداً. أنا أظن أنني أنتصر للطقاقات أكثر من ناشطاتنا الحقوقيات! والسبب، أعد قراءة مقالي منذ البداية. دمتم بخير
ما فهمت شيء .. رغم إني قرأته مرتين !
لاننا كمجتمع لا يؤمن بالاختلاف . فاذا اختلفت معك في الافكار ، او تصادمت الاراء . اقام الدنيا وقلب الموازين . فقط لاثبات رايه بانه الحق. وهذه قضية اخرى !!!
اصعب شي اني اعايش افراح الاخرين و داخلي حزن وذا ما تطرقت له كاتبتنا العزيزه